ما هي الوسائل السليمة والكفيلة بإعادة مجد الأمة المسلمة في وقتنا الحاضر ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما هي الوسائل السليمة والكفيلة بإعادة مجد الأمة المسلمة في وقتنا الحاضر ؟
A-
A=
A+
السائل : نشكر لفضيلة الشَّيخ تلك الكلمة الرائعة ، ونبدأ بالأسئلة .

السؤال الأول : ما هي الوسائل السلمية والكفيلة لإعادة مجد الأمة الإسلامية في وقتنا الحاضر ؟

سائل آخر : السليمة .

السائل : ما هي الوسائل السليمة والكفيلة لإعادة مجد الأمة المسلمة في وقتنا الحاضر ؟

الشيخ : في اعتقادي ، الذي أذكره وأنصح المسلمين به دائمًا وأبدًا لا آتي بشيء أكثر مما سمعتموه في الكلمة التي رَوَيْتُها لكم عن إمام دار الهجرة ، وإن كانت تحتاج إلى شيء من التفصيل بناءً على هذا السؤال ، تلك الكلمة هي التي عقَّبَ بها بعد الآية الكريمة فقال : " ولا يصلُحُ آخر هذه الأمَّة إلا بما صَلُحَ به أولها ؛ فما لم يكن يومئذٍ دينًا لا يكون اليوم دينًا " . هذا هو الجواب ، لكنه يحتاج إلى شيء من التفصيل .

هذا التفصيل عنوانه عندي الجواب عن هذا السؤال وأمثاله هو " التصفية والتربية " ، تصفية الإسلام ممَّا دخل فيه ممَّا لم يكن فيه في العهد الأنور الأطهر ، كما قال مالك : " لا يصلُحُ آخر هذه الأمَّة إلا بما كان عليه أولها " ، السلف الأول وهو يشمل القرون الثلاثة التي أثنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها خيرًا في الحديث الصحيح بل المتواتر حين قال : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) . والناس يروون هذا الحديث بلفظ : ( خير القرون ) ، وهذا ليس له أصل في هذه الأحاديث الصحيحة ، وإن كان المعنى قريب ، لكن الرواية بلفظ : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) .

أقول : لا بد من " التصفية والتربية " على أساس هذه التصفية ، تعلمون جميعًا أمرًا يشترك في معرفته العالم والجاهل ؛ وهو أن هناك أحاديث كثيرة وكثيرة جدًّا منبثَّة في بطون الكتب ونسمعها على ألسنة الخطباء والوعَّاظ والمدرِّسين وهي لا أصل لها عند المحدثين ، وهي تدخل في نهي الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في أحاديث كثيرة عن أن نتحدَّث بشيء لا نعلم ثبوتَه عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ كمثل قوله : ( مَن حدَّث بحديث وهو يُرى أنه كذب فهو أحد الكذَّابَين ) ، الكذَّاب الأول هو الذي اختلَقَه ووضعه ... والكذَّاب الثاني هو هذا الذي ينشره إما تحديثًا وإما خطابة وإما وعظًا وإرشادًا ، فهذا هو الكذَّاب الثاني ، هذا أمر منتشر اليوم بين المسلمين ، فكيف يكون المسلمون وهذا حالٌ من أحوالهم التي انحرفوا فيه عمَّا كان عليه السلف الصالح ؟ دخلت الأحاديث الباطلة بين الأحاديث الصحيحة ، فاختلط الحقُّ بالباطل ، واختلط الحابل بالنابل ؛ فإذًا المسلمون اليوم لا يعيشون على الإسلام المصفَّى ، فلا بد من تصفية الإسلام ؛ أوَّلًا من مثل هذه الأحاديث الضعيفة الموضوعة .

ثم مَن مِنكم يخفى عليه كثرة الإسرائيليات المنتشرة في بطون كتب التفسير ؟! قُبَيل ساعات قليلة جاءني سؤال عمَّا يُذكر في بعض كتب التفسير مما يتعلق بقوله - تبارك وتعالى - في يوسف وامرأة العزيز : (( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ )) ؛ يُذكر هنا أشياء قبيحة جدًّا جدًّا ، وتُنسب إلى النبي المعصوم يوسف - عليه الصلاة والسلام - الذي عصمَه الله - عز وجل - وأثنى عليه خيرًا في نفس القصة ، تُعزى ويُنسب إليه ما لا يجوز أن يُنسب إلى مسلم عادي أنه هَمَّ أن يفكَّ ... اللباس ، تخيَّل أن أباه يعقوب - عليه السلام - يعضُّ على إصبعه ، فترك وأعرض عن امرأة العزيز ، أشياء وأشياء منها - أيضًا - أنه رأى امرأة العزيز لما همَّت به بادَرَتْ إلى صنم كانت تعبده من دون الله ، فألقت عليه ستارًا ، سألها لِمَ فعلتِ هذا ؟ قالت : لكي لا يرانا ، فتذكَّر حينئذٍ يوسف - عليه السلام - ، زعموا ، تذكَّر الله فرجع عما كان هَمَّ ! كلُّ هذا مبثوث في كتب التفسير ، ويقرؤه الكثير من الجماهير على أنها جاءت حقائق في كتب التفسير .

أضف إلى ذلك قصة الشيطان الذي سرقَ خاتم سليمان ، وهذا مذكور في " تفسير الخازن " - مثلًا - وأمثاله ، هذه الكتب يجب - أيضًا - أن تُصفَّى مِن مثل هذه الإسرائيليات ، بالإضافة إلى ذلك أن تُصفَّى من التأويلات التي جاءت من المتأخرين من بعض المفسرين على خلاف تفسير السلف الصالح التي رُوِيَت بالأسانيد في الكتب المعتمدة من كتب التفسير كـ " تفسير محمد بن جرير الطبري " الحافظ المؤرخ المحدث ، وهو من أئمة السلف في هذه العلوم كلها ، وكذلك الإمام ابن كثير الدمشقي في التفسير المشهور به ؛ حيث ينقل في تفسير الآيات الروايات التي وَرَدَتْ عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين . يجب - أيضًا - تصفية كتب التفسير من الإسرائيليات والتأويلات الركيكة المخالفة لِمَا كان عليه سلفنا الصالح ، هذا كله داخل في باب التصفية .

ثم ماذا نقول مما أشرتُ إليه آنفًا ؛ أن نوعًا من أنواع التوحيد انقلَبَ بسبب الجهل إلى نوع من الشرك وعبادة غير الله ؟ مَن منكم لا يعلم أن هناك قبورًا في بلاد المسلمين يُطاف حولها كما يطوف عباد الله حول البيت الحرام أو الكعبة المشرفة ؟ مَن منكم لا يعلم بأن هناك قبورًا تُقصد بالنذر لها من دون الله - تبارك وتعالى - ، وتُقصد بالذبح لها من دون الله - تبارك وتعالى - ورسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( ملعونٌ مَن ذبَحَ لغير الله ) تحقيقًا منه - عليه السلام - بهذا الكلام لقوله - تعالى - في القرآن مخاطبًا له : (( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي )) ، (( وَنُسُكِي )) يعني ذبيحتي لله لا شريك له ، (( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ )) ماذا نعدُّ ؟ ليس هذا مجال العدِّ ، المهم الإشارة تُغني عن كثير من العبارة ؛ لا بد من تصفية الإسلام والرجوع به إلى ما كان عليه السلف الأول ، وبالعبارة المأثورة في الحديث السابق إلى ما كانت عليه الجماعة ؛ حيث جَعَلَ الرسول - عليه السلام - التمسُّك بما كان عليه الجماعة هي العصمة في أن لا نكون من الفِرَق الاثنين وسبعين التي ثالثها الفرقة الناجية .

هذا شيء مما يتعلَّق بالتصفية ، ثم يجب أن يقترن مع هذه التصفية التربية منذ نعومة أظفارنا ، يجب أن نوجِّه أطفالنا إلى هذا الإسلام المصفَّى نربِّيهم عليه ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله ، أنا أقطع جازمًا لا يمكن يستحيل على المسلمين أن يعيدَهم الله - عز وجل - إلا إذا رجعوا إلى دينهم كما سمعتم في الحديث الصحيح ، وكما سمعتم - أيضًا - من قول الإمام مالك : " لا يصلُحُ آخر هذه الأمَّة إلا بما صَلُحَ به أولها " .

مواضيع متعلقة