كلمة للشَّيخ " محمد عيد عباسي " عن أسباب انحطاط المسلمين ، وكيف التغلُّب على هذا الواقع المرير ؟
A-
A=
A+
عيد عباسي : ... من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .
كان ... قبل الصلاة إلى الثمرة التي أرجو أن نخرج عليها جميعًا ، ونحن متَّفقون - إن شاء الله - ؛ وهي أنه لا بد لأيِّ عمل إسلامي إذا أردنا أن يثمر ، وأن تكون له النتيجة المرجوة من الظَّفر وإعادة مجد الإسلام وإعادة العزة الإسلامية ؛ لا بد لذلك كله من أن يُبنى هذا العمل على أساس صحيح ، وأن يُتلافى فيه أسباب الفساد وأسباب الضعف والانحراف التي أدَّت بدولة الإسلام الماضية الزاهرة إلى الحضيض وإلى الانحطاط ، وذلك هو بأن نعود إلى حقيقة الإسلام فهمًا كما قال أستاذنا - حفظه الله - ثم تطبيقًا ، وكثير من الناس يظنُّون أن هذه الجموع المسلمة ، هذه الجماعات المختلفة ، هؤلاء الذين يغشون المساجد بالآلاف والآلاف يظنُّونهم كلهم مسلمين ، وما عليهم إلا أن يتعاونوا فقط ، فهذا الكلام يدل على سطحية ، ويدل على سذاجة ، ويدل على عدم غوصٍ وعدم عمقٍ في التفكير .
كلُّ نهضة لا بد أن يسبقَها فكر صحيح أو فكر يبيِّن ما هي الغاية ؟ وما هي الوسيلة ؟ وما هي الطريقة ؟ وما هو المنهج الذي يجب أن تسير عليه الأمة ؟ فالفكر هو أول شيء في طريق النهضة ، هذا سنة الله في خلقه بالنسبة للأديان الإلهية أو الشرائع الإلهية المتتالية ، وبالنسبة للشرائع الأرضية - أيضًا - ، فنحن نعرف - مثلًا - مما يفهَمُه المثقَّفون ويدرسونه في المدارس أنُّو - مثلًا - الثورة الفرنسية التي خلعت الملكية ، وحقَّقت فرنسا الحديثة ، ويزعمون أنها أتت بشيء جديد الأخوة والمساواة وكذا ؛ ماذا كانت البداية فيها ؟ هل أتى حاكم فقط ثم أصلح ما أصلح ؟ لا ، هم أنفسهم يقولون : إنها بدأت بثورة فكرية ، قام مفكريهم هؤلاء الفرنسيين " جون جاك روسو " ، " مونتسكيو " ، " فولتير " ، كذا ، نشروا أفكار ، نشروا تحضُّر ، نشروا هذه الآراء الإنسانية الأخوَّة حرب الإقطاع حرب الملكية ، تمثُّلهم بالمجتمع الفاضل برأيهم القائم على المساواة والأخوَّة ما شابه ذلك ؛ هذه الأفكار تفاعلت مع الناس ، تبنَّاها المثقَّفون ، تبنَّاها عامة الناس ، صارت رأي عام ، ثم أدَّت إلى التغيير ، هذا بالنسبة لهؤلاء الكفار ؛ فما بالك بنا نحن المسلمين الذين مَنَّ الله - عز وجل - علينا بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - التي كانت خاتمة الشرائع ، والتي حقَّقت الأمة التي كانت خير أمة أُخرِجَت للناس ؟ هؤلاء بأفكارهم واستنتاجاتهم وصلوا إلى ذلك ، وكل مفكر كل إنسان يدرس الحضارة وسبيل النهضة يصل إلى هذه النتيجة ، قبل أن تقوم نهضة سياسية عسكرية اقتصادية لا بد أن تسبقَها ثورة فكرية ، لا بد أن يسبقها حركة فكرية ، أفكار يتجمَّع الناس حولها وتنشئ بينهم هذه الأفكار وحدة فكرية ، فهناك .
الشيخ : ... .
عيد عباسي : فهناك من الأشياء التي أرى أنها سبب كبير جدًّا من أسباب انحطاط المسلمين أنهم أفكارهم وأنظارهم وتصوُّراتهم مشوَّشة ومبعثرة ومتفاوتة ومتناقضة ، نحن نشكو من هذا في المجتمع في المدارس في الناس هذا الوضع الواقع هو جزاء وفاق ، وثمرة طبيعية للأوضاع الفكرية والأوضاع الثقافية والعلمية ، في المدرسة - مثلًا - يدخل طلاب المسلمين كلهم منذ السنة السادسة من عمرهم يدخلون المدارس إلى أن يتخرَّجوا من المرحلة الابتدائية الإعدادية الثانوية الجامعية ؛ لا شك أن تصوُّراتهم في الحياة مبنيَّة على ما يتلقَّونه من أفكار ؛ سواء في المدارس أو في البيوت أو في وسائل الثقافة المختلفة من مثل الإذاعة والتلفزيون وصحف وكتب .
لننظر ما هو الشيء الذي يتلقَّاه الناس في هذه المؤثرات وهذه الوسائل المختلفة للثقافة ، هذه الوسائل هي التي تنشئ هؤلاء الناس ، فلننظر ما هي أوضاعها ، فترى - مثلًا - في المدرسة إذا أخذت جهاز التعليم فيه المدرِّس المسلم ، وفيه المدرِّس الشيوعي ، وفيه المدرِّس القومي ، وفيه المدرِّس الذي أفكاره رأسمالية ، والذي أفكاره كذا وكذا ؛ هؤلاء يدخل هذا على الصف ، الطَّالب الواحد يسمع من هذا أشياء تقرِّبه إلى ذاك المنهج ، أستاذ آخر يدعوهم إلى شيء مناقض ، ثالث يدعوهم إلى شيء ثالث ورابع وخامس ، وإذا أخذنا الدائرة الإسلامية نفسها فنجد واحد يدعوهم إلى الإسلام الذي يرى أنَّ غاية الأماني وأعظم صورة للإسلام هي في اتباع الشَّيخ الفلاني ، الذي نحن دعاة الإسلام فيما نزعم نعلم وتعتقد أنه منحرف وأنه ضال وأنه فاسق وأنه عميل وما شابه ذلك ، فرجل آخر يدعو أو يبيِّن لهم ويدعوهم إلى الإسلام الذي يمثِّل فكرًا نرى أنه ضلال - أيضًا - وانحراف ، فهؤلاء الشباب يتلقَّون هذه الأفكار المختلفة ، الأفكار المتناقضة .
أيضًا في الكتب في المكاتب وفي المجتمع ترى كتب الضلال وكتب الإيمان ، في دائرة الإسلام - أيضًا - ترى هذا يصوب ذاك الفهم للإسلام أنه انحراف وأنه كفر ، وآخر يصوِّره بشكل معاكس ، وثالث بين بين ، ورابع ، وخامس ، وهكذا الصحف ، الإذاعة أحيانًا تأتي مناسبات إسلام وإيمان وكذا ، وأحيانًا أخرى تأتي ثورات أخرى .
وسائل الثقافة كلها التي تربِّي هذه الأجيال ، والتي تربِّي هذا المجتمع هي متناقضة متفاوتة مختلفة ، فكيف يتوقَّع نجاح ويتوقَّع تقدُّم ما دامت أوضاعنا هكذا ؟ طبعًا حينما نستبعد الأفكار غير الإسلامية نكون قد خَطَونا خطوة ، نقول : كلُّ فكرٍ خارج عن الإسلام لا نقبله ، لكن - أيضًا - لا يحلُّ هذا المشكلة ؛ لأن بين الأفكار الإسلامية والأفهام الإسلامية من الخلاف ما هو مثله بينه وبين الأفكار غير الإسلامية ، فكلنا يعلم أن بعض المسلمين ينظر إلى الآخرين على أنهم كفار ، كثيرون يعتقدون في السلفيين - مثلًا - أنهم هؤلاء ضالون وكفار ولا يحبُّون الرسول ، وهؤلاء يبغضون الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذا وكذا وكذا .
فأوَّلًا نحن حينما ندعو إلى إصلاح هذه الأوضاع يجب أن ندعو إلى إصلاحها من جذورها ، ويجب أن نتلمَّس الأسباب الحقيقية للانحراف ، ثم شيء آخر هو أنه يجب أن نؤمن ونعلم أن العزَّة وأن النصر إنما هي من عند الله - عز وجل - كما قال - تبارك وتعالى - : (( وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ )) ، فهذا النصر الذي هو من عند الله لا يمكن أن يُؤتِيَه الله - عز وجل - إلا لِمَن علم عنهم أنهم مخلصون في طلب الحق ، وأنهم متمسِّكون بالسبيل الذي بيَّنَه لهم الله - تعالى - في كتابه ، وبيَّنه لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سنَّته ، وأنهم مطبِّقون ذلك ، وأنهم يجاهدون أنفسهم بتطبيقه والعمل به ، ثم يدعون الناس إلى ذلك . إذا علم الله - عز وجل - منَّا هذا فهو الذي ينصرنا بوسائل وأسباب ربما لا ندريها ، يعني أنا أعتقد أننا لو سرنا على المنهج الصحيح فليس بعيدًا جدًّا أن ينشئ الله - عز وجل - العداوة بين أعدائنا وبين المتسلِّطين علينا وبين من يستذلُّنا من الكفار ومن أعداء الإسلام في الداخل والخارج ، كما أنشأ الله - عز وجل - ذلك في الصدر الأول من الإسلام حينما كان محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه متمسِّكين بحبل الله المتين ، انظروا في غزوة الخندق - مثلًا - المسلمون ضعاف ، أقلة ، الكفار جمعوا جموعهم ، جاءت القبائل والعشائر وقريش واليهود من الداخل ومن الخارج ، وكما قال - عز وجل - : (( إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا )) ؛ فماذا كانت النتيجة ؟ لأنهم مؤمنون حقَّ الإيمان ومتمسِّكون بحبل الله حقَّ التمسك تدخَّلت قدرة الله مباشرةً ، فأرسل الله الرياح التي زلزلت على المشركين خيامهم ، وأطفأت قدورهم ، وأخافَتْهم وأفزعتهم ، فصاروا يجمِّعون أعتدتهم وأغراضهم ويبغون الرحيل ، يريدون أن ينجو بجلدهم .
فليست المسألة بكثرة العدد ولا بحسن العدَّة ، إنما هي بالتمسُّك بما أمر الله - عز وجل - ، قد يظن البعض أن هذا الطريق طويل ، ولكنه هو الطريق الأوحد الذي يؤسِّس الحكم الراشد والذي يؤسِّس الوضع الصحيح الذي سيستمرُّ إلى قرون وقرون ، لكن ربما إذا أفلح - مثلًا - الذين لا يوافقوننا على هذا المنهج ؛ إذا أفلحوا فرضًا في أن يقيموا للإسلام كيانًا ؛ فأنا واثق أنه لن يدوم طويلًا ، لو فرضنا أنه نجح وأُقِيم ؛ لأنَّ ما كان على غير أساس متين سيكون سريع الضعف وسريع الاندثار ؛ فهذا المَثَل ، مَثَل غزوة الخندق حينما تدخَّلت قدرة الله ففرَّقت جموع الأعداء وأضعَفَتْهم ، وأتاهم الله - عز وجل - من حيث لم يحتسبوا ؛ ذلك كله لأنَّ الله - عز وجل - عَلِمَ منهم الإخلاص ، وعَلِمَ منهم أنهم قد أفرغوا جهدهم ؛ أوَّلًا تمسَّكوا بالحق الذي بيَّنَه الله لهم ، ثم أفرغوا جهدهم في الاستعداد والعمل بما يرضي الله - عز وجل - .
مثال آخر : ذكر الأستاذ - حفظه الله - مثالًا عن المسلمين في غزوة حنين ، وهناك مثال آخر في وضع المسلمين في غزوة أحد ، المسلمون في غزوة أحد كلنا يعرف أن أول المعركة بدأت بنصر ساحق للمسلمين ، وولَّى الكفار الأدبار ، وكان من قصَّتها كما هو معروف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بعض المسلمين أن يكونوا على الجبل وهم الرماة ، وأمَرَهم أن لا يبرحوا مكانهم ولو رأوا الأعداء يتخطَّفونهم من كلِّ جانب ، ولو صار حدث ما حدث ، ولما انتصر المسلمون وأخذ الذين في الأسفل يجمعون الغنائم ويلحقون بالأعداء ، وقد ولَّى الأعداء الأدبار ؛ الذي حدث أن هؤلاء المسلمون فوق الرماة أدرَكَهم شيء طبع من الإنسان العادي الطَّمع في الدنيا ، وإخوانهم يجمعون الغنائم ، ويجمعون الأموال ، فالحرص ، وجاءتهم الفتاوى السريعة التي دَفَعَها الواقع الهوى أكثر ممَّا دفعها الاجتهاد العلمي الصحيح والإخلاص ، فقالوا : الرسول - عليه الصلاة والسلام - أوصانا بأن حتى يتحقَّق النصر وقد تحقَّق ؛ إذًا ما فيه ، لا حاجة للبقاء هنا ، إخوانهم وعظوهم ذكَّروهم بقول الرسول - عليه السلام - ألا تذكرون أنه قال كذا وكذا ، ولو رأيتمونا ؟ فأوَّلوه ، ويعني تجاوبوا مع أنفسهم ومع حرصهم فنزلوا .
سائل آخر : وخالفوا أمر الرسول .
عيد عباسي : خالفوا أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فماذا كانت النتيجة ؟ مخالفة أمر واحد دخل ، يعني صار لهم فيه شبهة سبَّبَ هزيمة المسلمين في تلك المعركة ومعهم المسلمون الذين لم يقصِّروا ولم يعصوا ولم يخالفوا ، سبَّبت أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نفسه قد جُرح ووقع وأُشِيع أنه قُتل ، وأُصيب إصابات شديدة ، كلُّ ذلك نتيجة لمخالفة أمر واحد من أوامر الله - عز وجل - ؛ فكيف نتوقَّع نصرًا وننتظر ظفرًا ونحن نخالف أمر الله - عز وجل - في آلاف وآلاف ؟ أوَّلًا يأمرنا الله - عز وجل - أن نتفقَّه في الدين كما يقول - عز وجل - : (( فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )) ، ثم نحن لا نبالي بذلك أمرًا ، نقول : يكفينا أننا نؤمن بمبادئ الإسلام العامة وكلمة لا إله إلا الله أن يجتمع الناس حولها .
أو كذلك الرسول - عليه الصلاة والسلام - حينما يقول : ( مَن يُرِدِ الله به خيرًا يفقِّهْه في الدين ) ؛ مفهوم هذا الكلام أن الذي لا يفقِّهه في الدين فليس يريد به خيرًا ، وإنما يريد به شرًّا ، فنحن إذا ذكَّرَنا بعض إخواننا أن نُقبِلَ على الفقه في الدين ، أن نتعلَّم وأن نعرف حقيقة الإسلام لا نهتمُّ بهذا ، ونعدُّها من الصغائر وهذه أمور بسيطة !! كما ظهر من حديث الأستاذ وبيَّن أكثر من مرة لا نريد طبعًا كما يتوهَّم البعض أن يكون كل مسلم إمامًا مجتهدًا فقيهًا عالمًا ، هذا نحن أدرى من غيرنا بأنه غير ممكن ، والله - عز وجل - قد خلق الناس بعقول متفاوتة واستعدادات متباينة ، فهذا لا يمكن ولم يطلُبْه الله - عز وجل - ، لكن الشيء الذي يمكن وهو في مقدورنا وهو حقٌّ أن يُقبِلَ مَن لديه استعداد للعلم والفهم على طلب العلم ، وعلى معرفة الإسلام الحق ، التفقُّه في كتاب الله ، في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، في الفقه في الدين ؛ فهذا بإمكان طائفة ولو يعني مهما بشرط أن تكون كافية ؛ هذه الطائفة يمكن أن تقبِلَ على هذا ، والآخرون أن يكونوا متَّبعين على هدى ، متَّبعين على بيِّنة ، متَّبعين على نور كما كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا عَرَضَ لهم مسألة أو أمر استفتوا عن حكم الله - عز وجل - فيها ، ولم يقنعوا بأن يأخذوا أيَّ فتوى أو أدنى طريق ويقبلون به ، هذه دعوة قريبة وسهلة إذا صدقت العزائم وصدقت المقاصد ، فلماذا نرفضها ونبتعد عنها ؟
لا بد قبل أيِّ عمل لا بد أن يكون هناك علمٌ سابق له ؛ يعني إنسان إذا أراد أن يصنع عملًا لا بد له أن يخطِّط ، لا بد له أن يبيِّن يعرف ماذا يقصد ؟ ما هو غرضه من هذا ؟ هل هذا الطريق يؤدي إلى هذا الغرض أو لا ؟ فبيان الغرض وبيان الغاية وبيان الطريقة هذا شيء بدهي ، فهذه لا تكفي فيها العموميات ، لا بد من وضع النقاط على الحروف ، لا بد من التفصيل ، لا بد من أن تُبحث هذه الأمور بحثًا علميًّا مجرَّدًا ، وكما - أيضًا - سمعنا جميعًا المسلمون مختلفون في هذا ، في هذه الأسس ، في هذا المنهج ، في كيف نفهم القرآن مختلفون فيه ، واحد يقول بالكشف الذي يرفض كلَّ الوسائل العلمية ، الكشف هكذا حدَّثني قلبي عن ربي ، فكيف يتفق هذا مع الإنسان الذي لا يؤمن بهذا أصلًا ، ويرى أنه إذا قال فلان بالكشف فإنما هو من إيحاء الشيطان وليس من إيحاء الرحمن ؟
فالمهم والخلاصة : أنه لا بد قبل أيِّ عمل إسلامي من العلم الصحيح على ذاك المنهج الرباني الذي علَّمنا إياه ربُّنا - عز وجل - في كتابه الكريم ، وبيَّنَه لنا رسولنا - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه الشريفة ، والتي سمعنا بعضها في مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( تركت فيكم أمرين ؛ لن تضلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما ) ، بمثل قوله - عز وجل - : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى )) ، وفي مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فعليكم بسنَّتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ؛ عضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) .
بعد العلم هذا ، وبعد هذه التصفية لِمَا ران على المسلمين من ثقافات وأفكار خلال العصور بعد ذلك يأتي العمل يأتي التطبيق ، ثم يأتي بعد ذلك إنشاء الجيل المسلم الذي صارت لديه وحدة فكرية ، الوحدة الفكرية تنشئ وحدة شعورية ، نحن نشكو الآن من التَّباغض والتنافر والتخاصم ، هذا له فعلًا أسباب ، فليس هو عبث ، وليس هو دون سبب ، فحينما نجد تنافرًا وشحناء وبغضاء لا بد أن يكون بذلك أحد سببين .
طيب ، عفوًا .
الشيخ : أرجو الانتباه لتعبيرك بأن بعد العلم يأتي العمل ، هذا الأصل غير صحيح علميًّا !
عيد عباسي : إي صحيح .
الشيخ : ... .
عيد عباسي : إي نعم ، مع العلم العمل ، الله يجزيكم خير ، فأقول حينما .
الشيخ : أعِدْ أعِدْ الجملة .
عيد عباسي : لا ، وصل ، إي نعم ، الآن تذكرت ، أقول : إن هناك ، نعم ، حينما نشاهد شحناء وبغضاء وخلافًا والعواطف متنافرة بين دعاة الإسلام فهذا لا بد أن يكون له أسباب وليس صدفة ، هذه الأسباب نوعان ، نوع منها بسبب خلاف أفكار ، هذا يرى الطريق من هنا ، ذاك يرى الطريق من هنا ، فلهذا يعتقد أنَّ ذاك عمله عبث دون جدوى ضائع ، قد يعتقد أنه يهدِّم ليس طريقه بالصواب ، فهذا سبب يجب معالجته ومجابهته بالواقع وبالعلم ؛ بأن ننظر هذا يقول : أنا منهجي صحيح ، وهذا يقول : منهجي صحيح ، فليس يُحلُّ الأمر بأن نتجاهل الأمرين ، تعوا اتَّفقوا كذا مجاملات ، ندعوهم بالوحدة ، لا يمكن أن تنشأ محبة ولا أن تنشأ مودة إلا إذا اتُّفِق على أحد المنهجين ، فيجب أن يدرس المخلصون هذه الأفكار هذا المنهج ؛ ما هي أدلته ؟ ما هي مستنداته ؟ فإذا كان صوابًا يتَّفقون جميعًا عليه ، وإن كان المنهج الآخر فيتفقون عليه ، هذا سبب وهو سبب جوهري ، ويجب أن نأبه له ونهتمَّ به اهتمامًا كبيرًا .
السبب الثاني : أن يكون الخلاف تنشئه النفوس وتنشئه الأهواء وتنشؤه المناصب وحبُّ الزعامات ، فهذه لا سبيل إلى الخلاص منها إلا بالتربية الإسلامية وتقوى الله - عز وجل - ، وأن يكون المخلصون هم الذين يعني يقودون المعركة ويقودون الصفوف ، ويُنحُّون جانبًا الذين لهم أغراض وأهواء .
إذًا سببان ينشئان الخلاف ، السبب الأول الخلاف الفكري ، هذا ليس له علاج إلا بأن تبحث الأفكار المختلف فيها بحثًا علميًّا مجرَّدًا موضوعيًّا بكلِّ أمانة وبكلِّ إنصاف ، مبحث عاطفي بحث بهدوء ، مثلًا تُكوَّن لجان يبحث فيها ، نختلف في كذا وكذا ، نسجِّل نقاط الاختلاف ، فهذه تبحث بحثًا علميًّا بالأدلة على منهج الكتاب والسنة والسلف الصالح ، ثم يُتَّفق على ما يُتوصل إليه نتيجة البحث والمواصلة والمناقشة ، طبعًا على أن يكون ذلك بهدوء وفي خلال الأخوَّة وتحسين الظَّنِّ ، لا أن كل واحد يُسيء الظَّنَّ بالآخر ، إذًا يكون هو بهذه الفكرة لتهدم الإسلام ، هذه كذا ، وإنما يحسِّن الظَّنَّ بالآخر ، ويعتقد أنه ربما يكون أخوه - أيضًا - على حقٍّ ، وليس الحقُّ محتكرًا لدى واحد ، وإنما لدى يمكن أن يكون لدى غيره .
أما السبب الثاني فيجب أن نتصارح ، فإذا وجدنا أهواء هي التي ... .
سائل آخر : إذا اعتقد احتمال أن يكون أخوه المختلف ... أنُّو هو المصيب وهو المخطئ ؛ معناه أصبح في شكٍّ من الحقِّ الذي يعتقده ، فكيف نجمع أو نوحِّد بين حقٍّ يعتقده حقًّا ، وبين حقٍّ يشك فيه ؟
عيد عباسي : هو هذه الأمور التي يختلفون فيها إذا كان لدى بعضهم نصوص وهي ثابتة ومُتأكَّد عنها طبعًا يجب أن يثق أنها هي الحق ، لكن يدعو الآخر إلى بحثها ويتلاطف معه ويعرض عليه ما عنده ، ويعني من قبيل تحسين الظَّنِّ والسير خطوات ؛ يعني بيقول : إذا كان عندك الحقُّ فنحن نتَّبعه ، يعني كما أظن في الآية إحدى الآيات الكريمة : (( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ )) ، أنا قصدت بمثل هذا يعني حينما نخاطبهم يا أخي " إذا كان الحقُّ معكم فنحن أوَّل من نتنازل عمَّا ندعو إليه ونسير معكم ، فهو من قبيل يعني الفرض ، كل منهم يفرض ، أخي إذا كان الحق معك والله لا نتخلَّف عنه ، وإذا كان مع الطرف الآخر وهكذا .
لكن لا شك أن مَن كان معتمدًا على أدلة قطعية وثابتة كالجبال ؛ فهذا يعني يؤمن بها عن قناعة ، لكن الإيمان التعصُّب هذا الذي نَتَجَ عن التعصب وغير دليل هذا الذي يجب أن نبتعد عنه .
المهم هذه خطوات ، ونحن نشارك إخواننا جميعًا أن هناك الأخطار التي تهدِّد الإسلام هي ماحقة وخطيرة ، ولكن لو علمنا سبيلًا آخر لَدعونا إليه ولَسرنا فيه ، لكن ليس هناك إلا بأن نتصارح وأن نتبيَّن السبيل الصحيح فهذا هو العلاج ، وليس هناك علاج غيره .
سائل آخر : نحن هلق اتفقنا .
عيد عباسي : نعم .
سائل آخر : أنُّو نحن واقعنا ما هو واقع مسلمين ؛ لأنُّو ما لنا في عز المسلمين ... عز المسلمين اللي الله ارتضاه للمسلمين ، اتَّفق أنُّو نحن منحرفين ، واتفقنا - أيضًا - العودة لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلحَ به أوَّلها ، لكن هالدعوة إلى الرجوع إلى ما كان عليه السلف الصالح دعوة أصبحت غريبة .
الشيخ : صحيح .
سائل آخر : أيوا ، وليست بالسهلة ، والمعارَضة كما سمعتم موجودة في كل مكان ، الذين يعملون ويصبرون ، ما أعدَّ الله لهم ؟
عيد عباسي : لا شك هذه آيات الكتاب بشَّرت بهذا حينما قال الله - عز وجل - : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ )) "" ويكفِّر عنكم سيئاتكم "" (( وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ... فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ )) .
الشيخ : (( ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) .
عيد عباسي : (( ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )) ، فحينما يسير المؤمنون على طريق ربِّهم - عز وجل - ويتَّبعون سنة نبيِّهم - صلى الله عليه وسلم - ويجعلونه مَثَلَهم وقدوتهم وأسوتهم الحسنة ؛ فإن النصر يأتيهم من غير شكٍّ .
سائل آخر : لكن أنُّو عم يقولوا : غرباء .
عيد عباسي : إي هذه الغربة .
سائل آخر : هالغربة هَيْ .
كان ... قبل الصلاة إلى الثمرة التي أرجو أن نخرج عليها جميعًا ، ونحن متَّفقون - إن شاء الله - ؛ وهي أنه لا بد لأيِّ عمل إسلامي إذا أردنا أن يثمر ، وأن تكون له النتيجة المرجوة من الظَّفر وإعادة مجد الإسلام وإعادة العزة الإسلامية ؛ لا بد لذلك كله من أن يُبنى هذا العمل على أساس صحيح ، وأن يُتلافى فيه أسباب الفساد وأسباب الضعف والانحراف التي أدَّت بدولة الإسلام الماضية الزاهرة إلى الحضيض وإلى الانحطاط ، وذلك هو بأن نعود إلى حقيقة الإسلام فهمًا كما قال أستاذنا - حفظه الله - ثم تطبيقًا ، وكثير من الناس يظنُّون أن هذه الجموع المسلمة ، هذه الجماعات المختلفة ، هؤلاء الذين يغشون المساجد بالآلاف والآلاف يظنُّونهم كلهم مسلمين ، وما عليهم إلا أن يتعاونوا فقط ، فهذا الكلام يدل على سطحية ، ويدل على سذاجة ، ويدل على عدم غوصٍ وعدم عمقٍ في التفكير .
كلُّ نهضة لا بد أن يسبقَها فكر صحيح أو فكر يبيِّن ما هي الغاية ؟ وما هي الوسيلة ؟ وما هي الطريقة ؟ وما هو المنهج الذي يجب أن تسير عليه الأمة ؟ فالفكر هو أول شيء في طريق النهضة ، هذا سنة الله في خلقه بالنسبة للأديان الإلهية أو الشرائع الإلهية المتتالية ، وبالنسبة للشرائع الأرضية - أيضًا - ، فنحن نعرف - مثلًا - مما يفهَمُه المثقَّفون ويدرسونه في المدارس أنُّو - مثلًا - الثورة الفرنسية التي خلعت الملكية ، وحقَّقت فرنسا الحديثة ، ويزعمون أنها أتت بشيء جديد الأخوة والمساواة وكذا ؛ ماذا كانت البداية فيها ؟ هل أتى حاكم فقط ثم أصلح ما أصلح ؟ لا ، هم أنفسهم يقولون : إنها بدأت بثورة فكرية ، قام مفكريهم هؤلاء الفرنسيين " جون جاك روسو " ، " مونتسكيو " ، " فولتير " ، كذا ، نشروا أفكار ، نشروا تحضُّر ، نشروا هذه الآراء الإنسانية الأخوَّة حرب الإقطاع حرب الملكية ، تمثُّلهم بالمجتمع الفاضل برأيهم القائم على المساواة والأخوَّة ما شابه ذلك ؛ هذه الأفكار تفاعلت مع الناس ، تبنَّاها المثقَّفون ، تبنَّاها عامة الناس ، صارت رأي عام ، ثم أدَّت إلى التغيير ، هذا بالنسبة لهؤلاء الكفار ؛ فما بالك بنا نحن المسلمين الذين مَنَّ الله - عز وجل - علينا بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - التي كانت خاتمة الشرائع ، والتي حقَّقت الأمة التي كانت خير أمة أُخرِجَت للناس ؟ هؤلاء بأفكارهم واستنتاجاتهم وصلوا إلى ذلك ، وكل مفكر كل إنسان يدرس الحضارة وسبيل النهضة يصل إلى هذه النتيجة ، قبل أن تقوم نهضة سياسية عسكرية اقتصادية لا بد أن تسبقَها ثورة فكرية ، لا بد أن يسبقها حركة فكرية ، أفكار يتجمَّع الناس حولها وتنشئ بينهم هذه الأفكار وحدة فكرية ، فهناك .
الشيخ : ... .
عيد عباسي : فهناك من الأشياء التي أرى أنها سبب كبير جدًّا من أسباب انحطاط المسلمين أنهم أفكارهم وأنظارهم وتصوُّراتهم مشوَّشة ومبعثرة ومتفاوتة ومتناقضة ، نحن نشكو من هذا في المجتمع في المدارس في الناس هذا الوضع الواقع هو جزاء وفاق ، وثمرة طبيعية للأوضاع الفكرية والأوضاع الثقافية والعلمية ، في المدرسة - مثلًا - يدخل طلاب المسلمين كلهم منذ السنة السادسة من عمرهم يدخلون المدارس إلى أن يتخرَّجوا من المرحلة الابتدائية الإعدادية الثانوية الجامعية ؛ لا شك أن تصوُّراتهم في الحياة مبنيَّة على ما يتلقَّونه من أفكار ؛ سواء في المدارس أو في البيوت أو في وسائل الثقافة المختلفة من مثل الإذاعة والتلفزيون وصحف وكتب .
لننظر ما هو الشيء الذي يتلقَّاه الناس في هذه المؤثرات وهذه الوسائل المختلفة للثقافة ، هذه الوسائل هي التي تنشئ هؤلاء الناس ، فلننظر ما هي أوضاعها ، فترى - مثلًا - في المدرسة إذا أخذت جهاز التعليم فيه المدرِّس المسلم ، وفيه المدرِّس الشيوعي ، وفيه المدرِّس القومي ، وفيه المدرِّس الذي أفكاره رأسمالية ، والذي أفكاره كذا وكذا ؛ هؤلاء يدخل هذا على الصف ، الطَّالب الواحد يسمع من هذا أشياء تقرِّبه إلى ذاك المنهج ، أستاذ آخر يدعوهم إلى شيء مناقض ، ثالث يدعوهم إلى شيء ثالث ورابع وخامس ، وإذا أخذنا الدائرة الإسلامية نفسها فنجد واحد يدعوهم إلى الإسلام الذي يرى أنَّ غاية الأماني وأعظم صورة للإسلام هي في اتباع الشَّيخ الفلاني ، الذي نحن دعاة الإسلام فيما نزعم نعلم وتعتقد أنه منحرف وأنه ضال وأنه فاسق وأنه عميل وما شابه ذلك ، فرجل آخر يدعو أو يبيِّن لهم ويدعوهم إلى الإسلام الذي يمثِّل فكرًا نرى أنه ضلال - أيضًا - وانحراف ، فهؤلاء الشباب يتلقَّون هذه الأفكار المختلفة ، الأفكار المتناقضة .
أيضًا في الكتب في المكاتب وفي المجتمع ترى كتب الضلال وكتب الإيمان ، في دائرة الإسلام - أيضًا - ترى هذا يصوب ذاك الفهم للإسلام أنه انحراف وأنه كفر ، وآخر يصوِّره بشكل معاكس ، وثالث بين بين ، ورابع ، وخامس ، وهكذا الصحف ، الإذاعة أحيانًا تأتي مناسبات إسلام وإيمان وكذا ، وأحيانًا أخرى تأتي ثورات أخرى .
وسائل الثقافة كلها التي تربِّي هذه الأجيال ، والتي تربِّي هذا المجتمع هي متناقضة متفاوتة مختلفة ، فكيف يتوقَّع نجاح ويتوقَّع تقدُّم ما دامت أوضاعنا هكذا ؟ طبعًا حينما نستبعد الأفكار غير الإسلامية نكون قد خَطَونا خطوة ، نقول : كلُّ فكرٍ خارج عن الإسلام لا نقبله ، لكن - أيضًا - لا يحلُّ هذا المشكلة ؛ لأن بين الأفكار الإسلامية والأفهام الإسلامية من الخلاف ما هو مثله بينه وبين الأفكار غير الإسلامية ، فكلنا يعلم أن بعض المسلمين ينظر إلى الآخرين على أنهم كفار ، كثيرون يعتقدون في السلفيين - مثلًا - أنهم هؤلاء ضالون وكفار ولا يحبُّون الرسول ، وهؤلاء يبغضون الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذا وكذا وكذا .
فأوَّلًا نحن حينما ندعو إلى إصلاح هذه الأوضاع يجب أن ندعو إلى إصلاحها من جذورها ، ويجب أن نتلمَّس الأسباب الحقيقية للانحراف ، ثم شيء آخر هو أنه يجب أن نؤمن ونعلم أن العزَّة وأن النصر إنما هي من عند الله - عز وجل - كما قال - تبارك وتعالى - : (( وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ )) ، فهذا النصر الذي هو من عند الله لا يمكن أن يُؤتِيَه الله - عز وجل - إلا لِمَن علم عنهم أنهم مخلصون في طلب الحق ، وأنهم متمسِّكون بالسبيل الذي بيَّنَه لهم الله - تعالى - في كتابه ، وبيَّنه لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سنَّته ، وأنهم مطبِّقون ذلك ، وأنهم يجاهدون أنفسهم بتطبيقه والعمل به ، ثم يدعون الناس إلى ذلك . إذا علم الله - عز وجل - منَّا هذا فهو الذي ينصرنا بوسائل وأسباب ربما لا ندريها ، يعني أنا أعتقد أننا لو سرنا على المنهج الصحيح فليس بعيدًا جدًّا أن ينشئ الله - عز وجل - العداوة بين أعدائنا وبين المتسلِّطين علينا وبين من يستذلُّنا من الكفار ومن أعداء الإسلام في الداخل والخارج ، كما أنشأ الله - عز وجل - ذلك في الصدر الأول من الإسلام حينما كان محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه متمسِّكين بحبل الله المتين ، انظروا في غزوة الخندق - مثلًا - المسلمون ضعاف ، أقلة ، الكفار جمعوا جموعهم ، جاءت القبائل والعشائر وقريش واليهود من الداخل ومن الخارج ، وكما قال - عز وجل - : (( إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا )) ؛ فماذا كانت النتيجة ؟ لأنهم مؤمنون حقَّ الإيمان ومتمسِّكون بحبل الله حقَّ التمسك تدخَّلت قدرة الله مباشرةً ، فأرسل الله الرياح التي زلزلت على المشركين خيامهم ، وأطفأت قدورهم ، وأخافَتْهم وأفزعتهم ، فصاروا يجمِّعون أعتدتهم وأغراضهم ويبغون الرحيل ، يريدون أن ينجو بجلدهم .
فليست المسألة بكثرة العدد ولا بحسن العدَّة ، إنما هي بالتمسُّك بما أمر الله - عز وجل - ، قد يظن البعض أن هذا الطريق طويل ، ولكنه هو الطريق الأوحد الذي يؤسِّس الحكم الراشد والذي يؤسِّس الوضع الصحيح الذي سيستمرُّ إلى قرون وقرون ، لكن ربما إذا أفلح - مثلًا - الذين لا يوافقوننا على هذا المنهج ؛ إذا أفلحوا فرضًا في أن يقيموا للإسلام كيانًا ؛ فأنا واثق أنه لن يدوم طويلًا ، لو فرضنا أنه نجح وأُقِيم ؛ لأنَّ ما كان على غير أساس متين سيكون سريع الضعف وسريع الاندثار ؛ فهذا المَثَل ، مَثَل غزوة الخندق حينما تدخَّلت قدرة الله ففرَّقت جموع الأعداء وأضعَفَتْهم ، وأتاهم الله - عز وجل - من حيث لم يحتسبوا ؛ ذلك كله لأنَّ الله - عز وجل - عَلِمَ منهم الإخلاص ، وعَلِمَ منهم أنهم قد أفرغوا جهدهم ؛ أوَّلًا تمسَّكوا بالحق الذي بيَّنَه الله لهم ، ثم أفرغوا جهدهم في الاستعداد والعمل بما يرضي الله - عز وجل - .
مثال آخر : ذكر الأستاذ - حفظه الله - مثالًا عن المسلمين في غزوة حنين ، وهناك مثال آخر في وضع المسلمين في غزوة أحد ، المسلمون في غزوة أحد كلنا يعرف أن أول المعركة بدأت بنصر ساحق للمسلمين ، وولَّى الكفار الأدبار ، وكان من قصَّتها كما هو معروف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بعض المسلمين أن يكونوا على الجبل وهم الرماة ، وأمَرَهم أن لا يبرحوا مكانهم ولو رأوا الأعداء يتخطَّفونهم من كلِّ جانب ، ولو صار حدث ما حدث ، ولما انتصر المسلمون وأخذ الذين في الأسفل يجمعون الغنائم ويلحقون بالأعداء ، وقد ولَّى الأعداء الأدبار ؛ الذي حدث أن هؤلاء المسلمون فوق الرماة أدرَكَهم شيء طبع من الإنسان العادي الطَّمع في الدنيا ، وإخوانهم يجمعون الغنائم ، ويجمعون الأموال ، فالحرص ، وجاءتهم الفتاوى السريعة التي دَفَعَها الواقع الهوى أكثر ممَّا دفعها الاجتهاد العلمي الصحيح والإخلاص ، فقالوا : الرسول - عليه الصلاة والسلام - أوصانا بأن حتى يتحقَّق النصر وقد تحقَّق ؛ إذًا ما فيه ، لا حاجة للبقاء هنا ، إخوانهم وعظوهم ذكَّروهم بقول الرسول - عليه السلام - ألا تذكرون أنه قال كذا وكذا ، ولو رأيتمونا ؟ فأوَّلوه ، ويعني تجاوبوا مع أنفسهم ومع حرصهم فنزلوا .
سائل آخر : وخالفوا أمر الرسول .
عيد عباسي : خالفوا أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فماذا كانت النتيجة ؟ مخالفة أمر واحد دخل ، يعني صار لهم فيه شبهة سبَّبَ هزيمة المسلمين في تلك المعركة ومعهم المسلمون الذين لم يقصِّروا ولم يعصوا ولم يخالفوا ، سبَّبت أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نفسه قد جُرح ووقع وأُشِيع أنه قُتل ، وأُصيب إصابات شديدة ، كلُّ ذلك نتيجة لمخالفة أمر واحد من أوامر الله - عز وجل - ؛ فكيف نتوقَّع نصرًا وننتظر ظفرًا ونحن نخالف أمر الله - عز وجل - في آلاف وآلاف ؟ أوَّلًا يأمرنا الله - عز وجل - أن نتفقَّه في الدين كما يقول - عز وجل - : (( فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )) ، ثم نحن لا نبالي بذلك أمرًا ، نقول : يكفينا أننا نؤمن بمبادئ الإسلام العامة وكلمة لا إله إلا الله أن يجتمع الناس حولها .
أو كذلك الرسول - عليه الصلاة والسلام - حينما يقول : ( مَن يُرِدِ الله به خيرًا يفقِّهْه في الدين ) ؛ مفهوم هذا الكلام أن الذي لا يفقِّهه في الدين فليس يريد به خيرًا ، وإنما يريد به شرًّا ، فنحن إذا ذكَّرَنا بعض إخواننا أن نُقبِلَ على الفقه في الدين ، أن نتعلَّم وأن نعرف حقيقة الإسلام لا نهتمُّ بهذا ، ونعدُّها من الصغائر وهذه أمور بسيطة !! كما ظهر من حديث الأستاذ وبيَّن أكثر من مرة لا نريد طبعًا كما يتوهَّم البعض أن يكون كل مسلم إمامًا مجتهدًا فقيهًا عالمًا ، هذا نحن أدرى من غيرنا بأنه غير ممكن ، والله - عز وجل - قد خلق الناس بعقول متفاوتة واستعدادات متباينة ، فهذا لا يمكن ولم يطلُبْه الله - عز وجل - ، لكن الشيء الذي يمكن وهو في مقدورنا وهو حقٌّ أن يُقبِلَ مَن لديه استعداد للعلم والفهم على طلب العلم ، وعلى معرفة الإسلام الحق ، التفقُّه في كتاب الله ، في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، في الفقه في الدين ؛ فهذا بإمكان طائفة ولو يعني مهما بشرط أن تكون كافية ؛ هذه الطائفة يمكن أن تقبِلَ على هذا ، والآخرون أن يكونوا متَّبعين على هدى ، متَّبعين على بيِّنة ، متَّبعين على نور كما كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا عَرَضَ لهم مسألة أو أمر استفتوا عن حكم الله - عز وجل - فيها ، ولم يقنعوا بأن يأخذوا أيَّ فتوى أو أدنى طريق ويقبلون به ، هذه دعوة قريبة وسهلة إذا صدقت العزائم وصدقت المقاصد ، فلماذا نرفضها ونبتعد عنها ؟
لا بد قبل أيِّ عمل لا بد أن يكون هناك علمٌ سابق له ؛ يعني إنسان إذا أراد أن يصنع عملًا لا بد له أن يخطِّط ، لا بد له أن يبيِّن يعرف ماذا يقصد ؟ ما هو غرضه من هذا ؟ هل هذا الطريق يؤدي إلى هذا الغرض أو لا ؟ فبيان الغرض وبيان الغاية وبيان الطريقة هذا شيء بدهي ، فهذه لا تكفي فيها العموميات ، لا بد من وضع النقاط على الحروف ، لا بد من التفصيل ، لا بد من أن تُبحث هذه الأمور بحثًا علميًّا مجرَّدًا ، وكما - أيضًا - سمعنا جميعًا المسلمون مختلفون في هذا ، في هذه الأسس ، في هذا المنهج ، في كيف نفهم القرآن مختلفون فيه ، واحد يقول بالكشف الذي يرفض كلَّ الوسائل العلمية ، الكشف هكذا حدَّثني قلبي عن ربي ، فكيف يتفق هذا مع الإنسان الذي لا يؤمن بهذا أصلًا ، ويرى أنه إذا قال فلان بالكشف فإنما هو من إيحاء الشيطان وليس من إيحاء الرحمن ؟
فالمهم والخلاصة : أنه لا بد قبل أيِّ عمل إسلامي من العلم الصحيح على ذاك المنهج الرباني الذي علَّمنا إياه ربُّنا - عز وجل - في كتابه الكريم ، وبيَّنَه لنا رسولنا - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه الشريفة ، والتي سمعنا بعضها في مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( تركت فيكم أمرين ؛ لن تضلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما ) ، بمثل قوله - عز وجل - : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى )) ، وفي مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فعليكم بسنَّتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ؛ عضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) .
بعد العلم هذا ، وبعد هذه التصفية لِمَا ران على المسلمين من ثقافات وأفكار خلال العصور بعد ذلك يأتي العمل يأتي التطبيق ، ثم يأتي بعد ذلك إنشاء الجيل المسلم الذي صارت لديه وحدة فكرية ، الوحدة الفكرية تنشئ وحدة شعورية ، نحن نشكو الآن من التَّباغض والتنافر والتخاصم ، هذا له فعلًا أسباب ، فليس هو عبث ، وليس هو دون سبب ، فحينما نجد تنافرًا وشحناء وبغضاء لا بد أن يكون بذلك أحد سببين .
طيب ، عفوًا .
الشيخ : أرجو الانتباه لتعبيرك بأن بعد العلم يأتي العمل ، هذا الأصل غير صحيح علميًّا !
عيد عباسي : إي صحيح .
الشيخ : ... .
عيد عباسي : إي نعم ، مع العلم العمل ، الله يجزيكم خير ، فأقول حينما .
الشيخ : أعِدْ أعِدْ الجملة .
عيد عباسي : لا ، وصل ، إي نعم ، الآن تذكرت ، أقول : إن هناك ، نعم ، حينما نشاهد شحناء وبغضاء وخلافًا والعواطف متنافرة بين دعاة الإسلام فهذا لا بد أن يكون له أسباب وليس صدفة ، هذه الأسباب نوعان ، نوع منها بسبب خلاف أفكار ، هذا يرى الطريق من هنا ، ذاك يرى الطريق من هنا ، فلهذا يعتقد أنَّ ذاك عمله عبث دون جدوى ضائع ، قد يعتقد أنه يهدِّم ليس طريقه بالصواب ، فهذا سبب يجب معالجته ومجابهته بالواقع وبالعلم ؛ بأن ننظر هذا يقول : أنا منهجي صحيح ، وهذا يقول : منهجي صحيح ، فليس يُحلُّ الأمر بأن نتجاهل الأمرين ، تعوا اتَّفقوا كذا مجاملات ، ندعوهم بالوحدة ، لا يمكن أن تنشأ محبة ولا أن تنشأ مودة إلا إذا اتُّفِق على أحد المنهجين ، فيجب أن يدرس المخلصون هذه الأفكار هذا المنهج ؛ ما هي أدلته ؟ ما هي مستنداته ؟ فإذا كان صوابًا يتَّفقون جميعًا عليه ، وإن كان المنهج الآخر فيتفقون عليه ، هذا سبب وهو سبب جوهري ، ويجب أن نأبه له ونهتمَّ به اهتمامًا كبيرًا .
السبب الثاني : أن يكون الخلاف تنشئه النفوس وتنشئه الأهواء وتنشؤه المناصب وحبُّ الزعامات ، فهذه لا سبيل إلى الخلاص منها إلا بالتربية الإسلامية وتقوى الله - عز وجل - ، وأن يكون المخلصون هم الذين يعني يقودون المعركة ويقودون الصفوف ، ويُنحُّون جانبًا الذين لهم أغراض وأهواء .
إذًا سببان ينشئان الخلاف ، السبب الأول الخلاف الفكري ، هذا ليس له علاج إلا بأن تبحث الأفكار المختلف فيها بحثًا علميًّا مجرَّدًا موضوعيًّا بكلِّ أمانة وبكلِّ إنصاف ، مبحث عاطفي بحث بهدوء ، مثلًا تُكوَّن لجان يبحث فيها ، نختلف في كذا وكذا ، نسجِّل نقاط الاختلاف ، فهذه تبحث بحثًا علميًّا بالأدلة على منهج الكتاب والسنة والسلف الصالح ، ثم يُتَّفق على ما يُتوصل إليه نتيجة البحث والمواصلة والمناقشة ، طبعًا على أن يكون ذلك بهدوء وفي خلال الأخوَّة وتحسين الظَّنِّ ، لا أن كل واحد يُسيء الظَّنَّ بالآخر ، إذًا يكون هو بهذه الفكرة لتهدم الإسلام ، هذه كذا ، وإنما يحسِّن الظَّنَّ بالآخر ، ويعتقد أنه ربما يكون أخوه - أيضًا - على حقٍّ ، وليس الحقُّ محتكرًا لدى واحد ، وإنما لدى يمكن أن يكون لدى غيره .
أما السبب الثاني فيجب أن نتصارح ، فإذا وجدنا أهواء هي التي ... .
سائل آخر : إذا اعتقد احتمال أن يكون أخوه المختلف ... أنُّو هو المصيب وهو المخطئ ؛ معناه أصبح في شكٍّ من الحقِّ الذي يعتقده ، فكيف نجمع أو نوحِّد بين حقٍّ يعتقده حقًّا ، وبين حقٍّ يشك فيه ؟
عيد عباسي : هو هذه الأمور التي يختلفون فيها إذا كان لدى بعضهم نصوص وهي ثابتة ومُتأكَّد عنها طبعًا يجب أن يثق أنها هي الحق ، لكن يدعو الآخر إلى بحثها ويتلاطف معه ويعرض عليه ما عنده ، ويعني من قبيل تحسين الظَّنِّ والسير خطوات ؛ يعني بيقول : إذا كان عندك الحقُّ فنحن نتَّبعه ، يعني كما أظن في الآية إحدى الآيات الكريمة : (( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ )) ، أنا قصدت بمثل هذا يعني حينما نخاطبهم يا أخي " إذا كان الحقُّ معكم فنحن أوَّل من نتنازل عمَّا ندعو إليه ونسير معكم ، فهو من قبيل يعني الفرض ، كل منهم يفرض ، أخي إذا كان الحق معك والله لا نتخلَّف عنه ، وإذا كان مع الطرف الآخر وهكذا .
لكن لا شك أن مَن كان معتمدًا على أدلة قطعية وثابتة كالجبال ؛ فهذا يعني يؤمن بها عن قناعة ، لكن الإيمان التعصُّب هذا الذي نَتَجَ عن التعصب وغير دليل هذا الذي يجب أن نبتعد عنه .
المهم هذه خطوات ، ونحن نشارك إخواننا جميعًا أن هناك الأخطار التي تهدِّد الإسلام هي ماحقة وخطيرة ، ولكن لو علمنا سبيلًا آخر لَدعونا إليه ولَسرنا فيه ، لكن ليس هناك إلا بأن نتصارح وأن نتبيَّن السبيل الصحيح فهذا هو العلاج ، وليس هناك علاج غيره .
سائل آخر : نحن هلق اتفقنا .
عيد عباسي : نعم .
سائل آخر : أنُّو نحن واقعنا ما هو واقع مسلمين ؛ لأنُّو ما لنا في عز المسلمين ... عز المسلمين اللي الله ارتضاه للمسلمين ، اتَّفق أنُّو نحن منحرفين ، واتفقنا - أيضًا - العودة لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلحَ به أوَّلها ، لكن هالدعوة إلى الرجوع إلى ما كان عليه السلف الصالح دعوة أصبحت غريبة .
الشيخ : صحيح .
سائل آخر : أيوا ، وليست بالسهلة ، والمعارَضة كما سمعتم موجودة في كل مكان ، الذين يعملون ويصبرون ، ما أعدَّ الله لهم ؟
عيد عباسي : لا شك هذه آيات الكتاب بشَّرت بهذا حينما قال الله - عز وجل - : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ )) "" ويكفِّر عنكم سيئاتكم "" (( وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ... فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ )) .
الشيخ : (( ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) .
عيد عباسي : (( ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )) ، فحينما يسير المؤمنون على طريق ربِّهم - عز وجل - ويتَّبعون سنة نبيِّهم - صلى الله عليه وسلم - ويجعلونه مَثَلَهم وقدوتهم وأسوتهم الحسنة ؛ فإن النصر يأتيهم من غير شكٍّ .
سائل آخر : لكن أنُّو عم يقولوا : غرباء .
عيد عباسي : إي هذه الغربة .
سائل آخر : هالغربة هَيْ .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 210
- توقيت الفهرسة : 00:12:13
- نسخة مدققة إملائيًّا