بيان خطر البدع .
A-
A=
A+
الشيخ : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) ، (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) ، أما بعد :
فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
كان بودي أمس القريب حينما ألقى الأستاذ علي كلمتَه حول البدعة ، وأكَّد فيها قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) ، ثم ثنَّى الأخ أبو أحمد على كلمته بكلمة أخرى طيِّبة بيَّن فيها خطورة البدعة وإدخالها في الدين ، كان بودِّي أن أتكلَّم بكلمة لعلها مفيدة - إن شاء الله - حول تلك المسألة الخطيرة ، والآن وقد نشطْتُ بعض الشيء وجدْتُ لزامًا عليَّ أن أقول ما كان قد جالَ في نفسي في الأمس القريب فأقول :
إن موضوع حديث : كلِّ بدعة ضلالة أو ( كلُّ بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) يظنُّ كثير من الدعاة الإسلاميين أنه أمر خطب سهل لا يستحقُّ الدندنة حوله كثيرًا وكثيرًا كما نفعل نحن الدعاة السلفيين ، فأقول بيانًا لخطورة هذه المسألة : يجب أن نعلم أن لها علاقة كبيرة وكبيرة جدًّا بالبحث السابق الذي ألمَحْنا إليه وذكرنا أنه لا بدَّ للجماعات الإسلامية أن تجعلَها حقيقةً واقعةً في نفوسهم ؛ أَلَا وهي جَعْلُ الحاكميَّة لله - عز وجل - في نفوسهم قبل أن يملؤوا الدنيا صياحًا بأنه لا بد من جعلها حقيقةً واقعةً على وجه الأرض ونحن لمَّا نقيمها بعد في نفوسنا .
فلا شك أن كون البدعة مشروعة أو غير مشروعة لها علاقة وثقى بالموضوع السابق ؛ فإن هذه إن لم تكن مشروعة كما نعتقد نحن ؛ فقد أدخلنا في الشريعة ما ليس منها ... بما لم يشرعه لنا ، وإنما شَرَعَه لنا بعض الذين استحسنوا الابتداع في الدين بشبهات بَدَتْ لهم ؛ فمن هنا يبدو لكم خطورة هذه المسألة ؛ وهي قوله - عليه السلام - : ( كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) ؛ حيث أن الذي يخالف هذا النَّصَّ الصريح في ذمِّ عموم البدعة فهو في الوقت نفسه إنما يحمل الناس على أن يتقرَّبوا إلى الله بما لم يشرَعْه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .
ونحن حينما نقرِّر هذه الحقيقة نعلم جيِّدًا أن الذين يذهبون إلى استحسان بعض البدع ، أو إلى تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام بعد تقسيمهم ذلك التقسيم الإجمالي ، بدعة حسنة وبدعة سيِّئة ؛ لا نعلم أن لهم أدلةً زعموها ، وإنما هو شبهات إذا عرف حقيقة أمرها المتفقِّه المسلم تبيَّن له أنها : (( كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً )) .
فوجدت تقويةً للبحث السابق بالأمس القريب أن أذكر بعض تلك الأدلة المشار إليها التي يتمسَّك جماهير المشايخ اليوم ويتَّكؤون عليها في القول بأن هناك في الإسلام بدعة حسنة ، من أشهر هذه الشبهات هو ذاك الحديث الصحيح ؛ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ؛ دون أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيِّئة فعليه وزرها ، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ؛ دون أن ينقص من أوزارهم شيء ) .
هذا الحديث لا شك في صحته ، ولكن الشكَّ كلَّ الشك هو في استدلالهم بهذا الحديث على أن الرسول - عليه السلام - قرَّرَ به أن في الإسلام بدعة حسنة ، وبيان هذا من وجهين أو أكثر من وجهين ؛ الوجه الأول : هو النظر في سبب ورود هذا الحديث ، فإننا إذا عرفناه تبيَّن لنا لأول وهلة أن هذا الاستدلال هو خطأ واضح ، بل فاضح ؛ ذلك لأنَّ سبب الحديث يقول وهو في " صحيح مسلم " متنًا وسببًا ، الحديث برواية جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال : كنَّا جلوسًا عند النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فجاءه أعراب مجتابي النمار ، متقلِّدي السيوف ، عامَّتُهم من مضر ، بل كلُّهم من مضر ، فلما رأى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تمعَّرَ وجهه ، ثم خطب في الصحابة فتلا عليهم قول الله - تبارك وتعالى - : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ... أَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ )) ، وقال - عليه الصلاة والسلام - في جملة ما خطب به : ( تصدَّقَ رجل بدرهم بدينار ، بصاع برِّه ، بصاع شعيره ) .
فما أتمَّ الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - خطبته حتى قام رجل من الحاضرين وانطلق ، ثم رجع يحمل في طرف ثوبه ما تيسَّرَ له من صدقة من طعام ودراهم ، ووضع ذلك أمام النبي - عليه الصلاة والسلام - ، فلما رأى سائر أصحابه ما فعل صاحبهم الأول قام - أيضًا - كلٌّ منهم وجاء بما تيسَّر له من صدقة ، فاجتمع أمام الرسول - عليه الصلاة والسلام - كأمثال الجبال من الطعام والدراهم ، فلما رأى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تنوَّرَ وجهه كأنه مُذْهبة - أي : كأنه فضَّة مطليَّة بالذهب - ، كناية عن أن الرسول - عليه السلام - بعد أن كان حَزِنَ على ما شاهد من فقر أولئك الأعراب تهلَّل وجهه فرحًا وسرورًا حينما شاهد أصحابه - عليه الصلاة والسلام - بادروا إلى الاستجابة لتحقيق ما حَضَّهم عليه من الصدقة ، وقال - عليه الصلاة والسلام - حين ذاك : ( مَن سنَّ في الإسلام سنَّة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ) إلى آخر الحديث .
فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
كان بودي أمس القريب حينما ألقى الأستاذ علي كلمتَه حول البدعة ، وأكَّد فيها قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) ، ثم ثنَّى الأخ أبو أحمد على كلمته بكلمة أخرى طيِّبة بيَّن فيها خطورة البدعة وإدخالها في الدين ، كان بودِّي أن أتكلَّم بكلمة لعلها مفيدة - إن شاء الله - حول تلك المسألة الخطيرة ، والآن وقد نشطْتُ بعض الشيء وجدْتُ لزامًا عليَّ أن أقول ما كان قد جالَ في نفسي في الأمس القريب فأقول :
إن موضوع حديث : كلِّ بدعة ضلالة أو ( كلُّ بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) يظنُّ كثير من الدعاة الإسلاميين أنه أمر خطب سهل لا يستحقُّ الدندنة حوله كثيرًا وكثيرًا كما نفعل نحن الدعاة السلفيين ، فأقول بيانًا لخطورة هذه المسألة : يجب أن نعلم أن لها علاقة كبيرة وكبيرة جدًّا بالبحث السابق الذي ألمَحْنا إليه وذكرنا أنه لا بدَّ للجماعات الإسلامية أن تجعلَها حقيقةً واقعةً في نفوسهم ؛ أَلَا وهي جَعْلُ الحاكميَّة لله - عز وجل - في نفوسهم قبل أن يملؤوا الدنيا صياحًا بأنه لا بد من جعلها حقيقةً واقعةً على وجه الأرض ونحن لمَّا نقيمها بعد في نفوسنا .
فلا شك أن كون البدعة مشروعة أو غير مشروعة لها علاقة وثقى بالموضوع السابق ؛ فإن هذه إن لم تكن مشروعة كما نعتقد نحن ؛ فقد أدخلنا في الشريعة ما ليس منها ... بما لم يشرعه لنا ، وإنما شَرَعَه لنا بعض الذين استحسنوا الابتداع في الدين بشبهات بَدَتْ لهم ؛ فمن هنا يبدو لكم خطورة هذه المسألة ؛ وهي قوله - عليه السلام - : ( كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) ؛ حيث أن الذي يخالف هذا النَّصَّ الصريح في ذمِّ عموم البدعة فهو في الوقت نفسه إنما يحمل الناس على أن يتقرَّبوا إلى الله بما لم يشرَعْه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .
ونحن حينما نقرِّر هذه الحقيقة نعلم جيِّدًا أن الذين يذهبون إلى استحسان بعض البدع ، أو إلى تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام بعد تقسيمهم ذلك التقسيم الإجمالي ، بدعة حسنة وبدعة سيِّئة ؛ لا نعلم أن لهم أدلةً زعموها ، وإنما هو شبهات إذا عرف حقيقة أمرها المتفقِّه المسلم تبيَّن له أنها : (( كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً )) .
فوجدت تقويةً للبحث السابق بالأمس القريب أن أذكر بعض تلك الأدلة المشار إليها التي يتمسَّك جماهير المشايخ اليوم ويتَّكؤون عليها في القول بأن هناك في الإسلام بدعة حسنة ، من أشهر هذه الشبهات هو ذاك الحديث الصحيح ؛ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ؛ دون أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيِّئة فعليه وزرها ، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ؛ دون أن ينقص من أوزارهم شيء ) .
هذا الحديث لا شك في صحته ، ولكن الشكَّ كلَّ الشك هو في استدلالهم بهذا الحديث على أن الرسول - عليه السلام - قرَّرَ به أن في الإسلام بدعة حسنة ، وبيان هذا من وجهين أو أكثر من وجهين ؛ الوجه الأول : هو النظر في سبب ورود هذا الحديث ، فإننا إذا عرفناه تبيَّن لنا لأول وهلة أن هذا الاستدلال هو خطأ واضح ، بل فاضح ؛ ذلك لأنَّ سبب الحديث يقول وهو في " صحيح مسلم " متنًا وسببًا ، الحديث برواية جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال : كنَّا جلوسًا عند النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فجاءه أعراب مجتابي النمار ، متقلِّدي السيوف ، عامَّتُهم من مضر ، بل كلُّهم من مضر ، فلما رأى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تمعَّرَ وجهه ، ثم خطب في الصحابة فتلا عليهم قول الله - تبارك وتعالى - : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ... أَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ )) ، وقال - عليه الصلاة والسلام - في جملة ما خطب به : ( تصدَّقَ رجل بدرهم بدينار ، بصاع برِّه ، بصاع شعيره ) .
فما أتمَّ الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - خطبته حتى قام رجل من الحاضرين وانطلق ، ثم رجع يحمل في طرف ثوبه ما تيسَّرَ له من صدقة من طعام ودراهم ، ووضع ذلك أمام النبي - عليه الصلاة والسلام - ، فلما رأى سائر أصحابه ما فعل صاحبهم الأول قام - أيضًا - كلٌّ منهم وجاء بما تيسَّر له من صدقة ، فاجتمع أمام الرسول - عليه الصلاة والسلام - كأمثال الجبال من الطعام والدراهم ، فلما رأى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تنوَّرَ وجهه كأنه مُذْهبة - أي : كأنه فضَّة مطليَّة بالذهب - ، كناية عن أن الرسول - عليه السلام - بعد أن كان حَزِنَ على ما شاهد من فقر أولئك الأعراب تهلَّل وجهه فرحًا وسرورًا حينما شاهد أصحابه - عليه الصلاة والسلام - بادروا إلى الاستجابة لتحقيق ما حَضَّهم عليه من الصدقة ، وقال - عليه الصلاة والسلام - حين ذاك : ( مَن سنَّ في الإسلام سنَّة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ) إلى آخر الحديث .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 185
- توقيت الفهرسة : 00:00:00
- نسخة مدققة إملائيًّا