استدلالهم بجمع القرآن على أنه بدعة حسنة والرد عليهم .
A-
A=
A+
الشيخ : أول هذه الأقسام بدعة فرض واجبة ؛ فريضة يعني ، أول مثال جمع القرآن الكريم ، جمع القرآن الكريم بدعة في الدين ، الله أكبر !! إذا كان الرسول - عليه السلام - هذَّب ألفاظنا إلى درجة قال : ( لا يقولنَّ أحدكم : ما شاء الله وشاء محمد ، وإنما ليقُلْ : ما شاء الله وحده ) ، ( ولا يقولنَّ أحدكم خَبُثَت نفسي ، ولكن لَقِسَت ) ، إلى آخر ذلك من الآداب اللفظية التي علَّمناها الرسول - عليه السلام - ، كيف نقول ؟ أُسُّ الإسلام وهو القرآن جمعه بدعة في الدين ، ولو وصفناها بأنها بدعة حسنة ، لكن كيف نصفها بأنها بدعة ؟ يعني أمر حادث مع أنَّ القرآن جُمع في عهد الرسول - عليه السلام - ، لكن كان جمعًا بدائيًّا على حسب الوسائل المتوفِّرة في ذلك العصر من جهة ، ولأن القرآن كان ينزل حسب إيش ؟ الظُّروف والمناسبات ، فجمع أبو بكر وعمر بن الخطاب الجمع الأول لهذا القرآن الكريم بين الدُّفَّتين ، يسمُّونه هذا بأنه بدعة واجبة ؟ نحن نقول : هذا ليس ببدعة ، هذا أمر من أمور الدين ، ولكن هنا عبرة لا يحسُنُ بنا أن نعبر عنها وألَّا نذكِّر بها ؛ هذا الأمر الواجب الذي هو المحافظة على القرآن الكريم أن يضيع بين الناس ؛ تدرون ماذا كان موقف الخليفة الأول تجاه الاقتراح الذي قُدِّم إليه بجمع القرآن ؟ ليت موقف هؤلاء الناس يكون مثل موقف أبي بكر بالنسبة لجمع القرآن ، أقول هذا المثال في الواقع - أيضًا - من جملة المنبِّهات لخطر البدعة في مفهوم السلف الصالح ؛ لمَّا قُدِّم الاقتراح إلى أبي بكر لجمع القرآن جمعًا على صورة لم يكن قطعًا كعهد الرسول - عليه السلام - ؛ أي : بين دفَّتَين ؛ ماذا كان موقف أبي بكر وكذلك زيد بن ثابت لمَّا كُلِّف بالقيام بهذا الواجب ؟ كيف تصنعون شيئًا لم يصنَعْه رسول الله ؟ جمع القرآن يقول فيه الخليفة الأول خشيةَ أن يقع في إحداث الدين : كيف تصنعون شيئًا لم يصنَعْه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فلم يزل أحدهما بالآخر يقنعه ويبيِّن أن هذا أمر ضروي ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، قال عمر : حتَّى شرح الله صدري لِمَا شرح الله له صدر أبي بكر ، كذلك زيد بن ثابت - رضي الله عنه - ، فجُمعوا القرآن .
هذا الجمع قام الدليل القاطع على وجوبه ، فليس هذا من باب الاستحسان في الدين كما هو شأن بدع كثيرة .
كذلك - مثلًا - إخراج عمر بن الخطاب لليهود من خيبر ، هذا أمر حدث بعد الرسول - عليه السلام - ، لكنه ليس بدعة في الدين ؛ لأن البدعة في الدين هي إحداث عبادة لم يشرَعْها الرسول - عليه السلام - لا بقوله ولا بفعله ولا بتقريره ، أما إخراج اليهود فقد أمر الرسول - عليه السلام - بذلك ، قال : ( أخرجوا اليهود من جزيرة العرب ) ، فإذًا عمر بن الخطاب بل وفي العهد الذي تعاهد الرسول - عليه السلام - عليه مع اليهود قال لهم : ( نُقرِّكم فيها ما نشاء ) ؛ يعني الرسول - عليه السلام - اتفق مع اليهود أن يبقوا في خيبر ، وقد فتحها بالسيف عنوةً ورغمًا عن اليهود ، ولكن كانوا أهلَ زراعة فأبقاهم يستغلُّون هذه الأرض على مناصفة نصف الغلَّة للرسول - عليه السلام - وللمسلمين ، والنصف الآخر لليهود ، لكن ليس هذا للأبد ؛ قال لهم - عليه السلام - في العقد : ( نقرِّكم فيها ما نشاء ) ، فوافق اليهود على ذلك ، ثم بدا لعمر بن الخطاب أنَّه قد آن الأوان الآن لإخراج اليهود من خيبر ؛ لأن الأنصار أنفسهم صاروا متمكِّنين من استثمار الأرض ... فأخرجهم ، هذا الإخراج بلا شك بعد الرسول - عليه السلام - ، لكن لا يُسمَّى بدعة في الدين ؛ لأنه لم يفعل عمر شيئًا لم يأمره الرسول - عليه السلام - ، بل هو نفَّذ أمر الرسول - عليه السلام - .
فهذا تسميته بدعة في الدين نحن لا نوافق عليه ، لكن كما قلنا آنفًا إذا هم أصرُّوا على تسمية هذا النوع ممَّا حدث بعد الرسول - عليه السلام - بأنه بدعة في الدين ؛ نقول : هذا اصطلاحكم ، أنتم تسمُّون هذا الشيء بأنه بدعة في الدين ، نحن لا نسمِّيها بدعة في الدين ، وإنما هي بدعة لغةً ؛ يعني حدث بعد الرسول ؛ هذا أمر حادث بلا شك ، لكن هذا الأمر الحادث تارةً يكون شرعًا وتارةً يكون بدعةً .
متى نميِّز بين منا يكون شرعًا وبين ما يكون بدعة على اعتبار ( كل بدعة ضلالة ) ؟ إذا قام الدليل الشرعي على أن هذا الأمر الحادث أمر جائز شرعًا كفعل عمر وجمع القرآن ؛ فذلك لا نسمِّيه بدعة ، إنما هو أمر مشروع ، إن سمَّيتموه بدعة حسنة ؛ فحينئذٍ نقول : لا مشاحَّة في الاصطلاح ، مع رغبتنا عن هذه التسمية ، لكن جئتم بالدليل على أنَّ الذي فعله عمر هو بإذن من الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فيبقى الخلاف لفظي .
وفي الدرس الآتي - إن شاء الله - سنُعالج بعض الأمثلة الأخرى ممَّا يستدلون بها على الاستحسان في الدين ، وهي ليست من ذلك بسبيل ، وأبتدئ - إن شاء الله - بقول عمر هذا بالنسبة لصلاة التراويح : " نعمت البدعة هذه " ، ونبيِّن لكم أن فعل عمر في صلاة التراويح هو تمامًا كفعله حيث أخرج اليهود من خيبر ، وأنه ليس من الابتداع في الدين شيء .
وبهذا القدر كفاية ... .
هذا الجمع قام الدليل القاطع على وجوبه ، فليس هذا من باب الاستحسان في الدين كما هو شأن بدع كثيرة .
كذلك - مثلًا - إخراج عمر بن الخطاب لليهود من خيبر ، هذا أمر حدث بعد الرسول - عليه السلام - ، لكنه ليس بدعة في الدين ؛ لأن البدعة في الدين هي إحداث عبادة لم يشرَعْها الرسول - عليه السلام - لا بقوله ولا بفعله ولا بتقريره ، أما إخراج اليهود فقد أمر الرسول - عليه السلام - بذلك ، قال : ( أخرجوا اليهود من جزيرة العرب ) ، فإذًا عمر بن الخطاب بل وفي العهد الذي تعاهد الرسول - عليه السلام - عليه مع اليهود قال لهم : ( نُقرِّكم فيها ما نشاء ) ؛ يعني الرسول - عليه السلام - اتفق مع اليهود أن يبقوا في خيبر ، وقد فتحها بالسيف عنوةً ورغمًا عن اليهود ، ولكن كانوا أهلَ زراعة فأبقاهم يستغلُّون هذه الأرض على مناصفة نصف الغلَّة للرسول - عليه السلام - وللمسلمين ، والنصف الآخر لليهود ، لكن ليس هذا للأبد ؛ قال لهم - عليه السلام - في العقد : ( نقرِّكم فيها ما نشاء ) ، فوافق اليهود على ذلك ، ثم بدا لعمر بن الخطاب أنَّه قد آن الأوان الآن لإخراج اليهود من خيبر ؛ لأن الأنصار أنفسهم صاروا متمكِّنين من استثمار الأرض ... فأخرجهم ، هذا الإخراج بلا شك بعد الرسول - عليه السلام - ، لكن لا يُسمَّى بدعة في الدين ؛ لأنه لم يفعل عمر شيئًا لم يأمره الرسول - عليه السلام - ، بل هو نفَّذ أمر الرسول - عليه السلام - .
فهذا تسميته بدعة في الدين نحن لا نوافق عليه ، لكن كما قلنا آنفًا إذا هم أصرُّوا على تسمية هذا النوع ممَّا حدث بعد الرسول - عليه السلام - بأنه بدعة في الدين ؛ نقول : هذا اصطلاحكم ، أنتم تسمُّون هذا الشيء بأنه بدعة في الدين ، نحن لا نسمِّيها بدعة في الدين ، وإنما هي بدعة لغةً ؛ يعني حدث بعد الرسول ؛ هذا أمر حادث بلا شك ، لكن هذا الأمر الحادث تارةً يكون شرعًا وتارةً يكون بدعةً .
متى نميِّز بين منا يكون شرعًا وبين ما يكون بدعة على اعتبار ( كل بدعة ضلالة ) ؟ إذا قام الدليل الشرعي على أن هذا الأمر الحادث أمر جائز شرعًا كفعل عمر وجمع القرآن ؛ فذلك لا نسمِّيه بدعة ، إنما هو أمر مشروع ، إن سمَّيتموه بدعة حسنة ؛ فحينئذٍ نقول : لا مشاحَّة في الاصطلاح ، مع رغبتنا عن هذه التسمية ، لكن جئتم بالدليل على أنَّ الذي فعله عمر هو بإذن من الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فيبقى الخلاف لفظي .
وفي الدرس الآتي - إن شاء الله - سنُعالج بعض الأمثلة الأخرى ممَّا يستدلون بها على الاستحسان في الدين ، وهي ليست من ذلك بسبيل ، وأبتدئ - إن شاء الله - بقول عمر هذا بالنسبة لصلاة التراويح : " نعمت البدعة هذه " ، ونبيِّن لكم أن فعل عمر في صلاة التراويح هو تمامًا كفعله حيث أخرج اليهود من خيبر ، وأنه ليس من الابتداع في الدين شيء .
وبهذا القدر كفاية ... .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 28
- توقيت الفهرسة : 00:54:10
- نسخة مدققة إملائيًّا