كيف الجمع بين الحديثين ، الأول قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( مثل أمتي مثل المطر لا يُدرى أوله الخير أم آخره ) وبين قوله : ( خير الناس قرني ) ؟
A-
A=
A+
السائل : كيف نفهم هذين الحديثين ، الحديث الأول قول الرسول - عليه الصلاة والسلام - : ( مثل أمتي مثل المطر لا يُدرى أوله الخير أم آخره ) وبين قوله : ( خير الناس قرني ) ؟
الشيخ : الحديث الأول لا يُخالف الحديث الآخر : ( خير الناس قرني ) إلى آخره ، فإن هذا الحديث يُفضِّل القرن الأول على الثاني والثاني على الثالث ، لكن الحديث الثاني - وهو قوله - عليه السلام - - : ( أمتي كالمطر لا يُدرى الخير في أوَّله أم في آخره ) ، ليس فيه إلا أن الخير قد يكون في آخر الأمة كالمطر قد لا يُدرى الخير في أوله أم في آخره ، أما بالنسبة للسلف فقد عُرِف الخير فيهم ، بل عُرِف فيه أنه أفضل خيْرٍ وُجِد على وجه الأرض على الترتيب المذكور في ( خير الناس ) .
أما الحديث الأخر ( أمتي كالمطر لا يُدرى الخير في أوله أم في آخره ) ؛ فإنما هو بشارة من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قد يكون في آخر الأمة خير ، ولا ينفي أن يكون في أول الأمة خير ، فقد أثبت ذلك بالحديث المتواتر الذي أشرت إليه آنفًا ، وإنما يريد أن يُلقِيَ الروح في الأمة ، وأن يقطع عنهم اليأس من الرحمة ؛ فيقول أن الخير قد يكون في آخر هذه الأمة كما كان في أولها ، والأحاديث التي تُصرِّح بقوله بمثل قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقِّ ؛ لا يضرُّهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) ، أو في رواية : ( حتى تقوم الساعة ) ؛ هذا دليل أن الخير مستمرٌّ في الأمة ، وليس ينقطع ، ولكن ليس كالخير الذي كان في أوَّل الأمة ، في القرون الثلاثة .
كذلك تبشيره - عليه الصلاة والسلام - لهذه الأمة بخروج المهدي ، ونزول عيسى - عليهما السلام - في آخر الزمان بمثل قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( لا تذهب الدنيا حتى يخرج رجلٌ يُوافق اسمُه اسمي ، واسمُ أبيه اسمَ أبي ؛ يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت جورًا وظلمًا ) ، وكقوله - عليه السلام - في نزول عيسى : ( كيف بكم إذا نزل عيسى ابن مريم فيكم وأمَّكم منكم ؟! ) ، وكذلك الأحاديث التي جاءت في خصوص عيسى - عليه السلام - ، وفي بعضها أن السجدة في تلك الأيام تكون خيرًا من الدنيا وما فيها ، فإذًا قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( أمتي كالمطر لا يُدرى الخير في أوله أم في آخره ) إنَّما يعني أن الخير لا ينقطع عن هذه الأمة ، وإن كان أكثر في القرون الأولى .
وبهذا القدر كفاية .
الشيخ : الحديث الأول لا يُخالف الحديث الآخر : ( خير الناس قرني ) إلى آخره ، فإن هذا الحديث يُفضِّل القرن الأول على الثاني والثاني على الثالث ، لكن الحديث الثاني - وهو قوله - عليه السلام - - : ( أمتي كالمطر لا يُدرى الخير في أوَّله أم في آخره ) ، ليس فيه إلا أن الخير قد يكون في آخر الأمة كالمطر قد لا يُدرى الخير في أوله أم في آخره ، أما بالنسبة للسلف فقد عُرِف الخير فيهم ، بل عُرِف فيه أنه أفضل خيْرٍ وُجِد على وجه الأرض على الترتيب المذكور في ( خير الناس ) .
أما الحديث الأخر ( أمتي كالمطر لا يُدرى الخير في أوله أم في آخره ) ؛ فإنما هو بشارة من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قد يكون في آخر الأمة خير ، ولا ينفي أن يكون في أول الأمة خير ، فقد أثبت ذلك بالحديث المتواتر الذي أشرت إليه آنفًا ، وإنما يريد أن يُلقِيَ الروح في الأمة ، وأن يقطع عنهم اليأس من الرحمة ؛ فيقول أن الخير قد يكون في آخر هذه الأمة كما كان في أولها ، والأحاديث التي تُصرِّح بقوله بمثل قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقِّ ؛ لا يضرُّهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) ، أو في رواية : ( حتى تقوم الساعة ) ؛ هذا دليل أن الخير مستمرٌّ في الأمة ، وليس ينقطع ، ولكن ليس كالخير الذي كان في أوَّل الأمة ، في القرون الثلاثة .
كذلك تبشيره - عليه الصلاة والسلام - لهذه الأمة بخروج المهدي ، ونزول عيسى - عليهما السلام - في آخر الزمان بمثل قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( لا تذهب الدنيا حتى يخرج رجلٌ يُوافق اسمُه اسمي ، واسمُ أبيه اسمَ أبي ؛ يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت جورًا وظلمًا ) ، وكقوله - عليه السلام - في نزول عيسى : ( كيف بكم إذا نزل عيسى ابن مريم فيكم وأمَّكم منكم ؟! ) ، وكذلك الأحاديث التي جاءت في خصوص عيسى - عليه السلام - ، وفي بعضها أن السجدة في تلك الأيام تكون خيرًا من الدنيا وما فيها ، فإذًا قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( أمتي كالمطر لا يُدرى الخير في أوله أم في آخره ) إنَّما يعني أن الخير لا ينقطع عن هذه الأمة ، وإن كان أكثر في القرون الأولى .
وبهذا القدر كفاية .