ما رأيكم بِمَن يقول : أنا مذهبي ، لكن أحتجُّ بالدليل ، ويقول : إن الأئمة السابقين كلهم كانوا كذلك إن لم يكونوا جلهم ؟
A-
A=
A+
السائل : ما رأيكم بمن يقول : أنا مذهبي ولكن مع الدليل ، ويُلزِمُ باتخاذ مذهب معيَّن ، ويحتج بأن الأئمة السابقين كان جلهم إن لم يكن كلهم على هذه الطريقة ؟
الشيخ : يقول الأئمة السابقين ؟
السائل : إي .
الشيخ : الظاهر أن السَّائل أراد شيئًا وغلبه لفظه ، فأفاد خلاف ما أراد ! حينما يقول : الأئمة السابقين إنما يتبادر الأئمة المجتهدين ... أن دعا أتباعه إلى تقليده ونهاهم عن اتباع الكتاب والسنة وألزَمَهم أن يجروا خلفه حذو القذَّة بالقذَّة ، حاشاهم من ذلك . وإن أراد بالأئمة هنا خلاف المُتبادر من لفظه ؛ أي : العلماء المقلدين للأولئك الأئمة المجتهدين ؛ فحينئذٍ نقول : لا عبرة بهؤلاء الذين سمَّاهم بالأئمة ما دام أنهم مقلِّدون ، والمقلِّد باعتراف المقلِّدين واجبه أن يتَّبع أقوال المجتهدين ؛ حتى إنهم لَيُصرِّحون بعبارة فيها دقَّة ؛ يقولون : دليل المجتهد الكتاب والسنة ، ودليل المقلِّد قول الإمام ؛ ليس قول الله وقول رسول الله . قول الله وقول رسول الله هو دليل الإمام المجتهد ، أما دليل المقلِّد فهو قال : إمامي فلان ، قال : إمامي فلان ، قال الله قال رسول الله هذا ما ينبغي أن يقوله المقلِّد ، ونحن نقول : من فمك ندينك ؛ ما دام أنُّو مذهب التقليد يُوجب عليك أن تقول بما قال الإمام ؛ فنحن نقول أن الأئمة كلهم قالوا : لا تقلدونا في ديننا ، لا تقلدني ومالكًا ولا سفيان ولا غيره ، وإنما خذوا من حيث أخذوا ، والنصوص في هذا كثيرة وكثيرة جدًّا ، وقد كنتُ ذكرتُ الكثير الطيب منها في مقدمة " صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - " ؛ لذلك فقول السَّائل بأن الأئمة أمَرُوا بذلك هذا خطأ إذا لم نقل افتراء عليهم ، أما قوله : أنا أتبع مذهب أو أقلد مذهبًا ، لكن إذا بدا لي الدليل اتَّبعته ، فنقول له : فما بدا لك حتى اليوم الدليل أنه لا يجوز لك أن تتَّخذ إمامًا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُعطَ العصمة أحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ما قام الدليل لديك حتى اليوم أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ؟ فكما أنه لا معبود بحقٍّ إلا الله فكذلك لا متبوع بحقِّ إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟! ما تبيَّنت لك هذه الحقيقة بعد ؟!
أنا أظن حينئذٍ أن الرجل يغرِّر بنفسه ، أو يتستَّر أمام أصحابه فيقول : أنا مقلد لمذهب من المذاهب ، لكن إذا ظهر لي الدليل اتَّبعته ، يا سبحان الله !! إذا كان مذهبك - مثلًا - مذهب الحنفي ، والحنفي يقول : بأن خروج خط يشبه الألف من الدم في مكان من بدنك يفسد وينقض عليك الوضوء ؛ فإذا ظهر لك الدليل في أن هذا الوضوء لا يزال صحيحًا تتَّبعه وتخالف المذهب ؟ فلِمَ لا تخالف المذهب الذي يقول ليس على لسان الأئمة ، وإنما على لسان مقلدين الأئمة ، ومن ذلك - أيضًا - قول الباجوري :
" وواجبٌ تقليدُ حَبْرٍ مِنهُمُ "
من أين جاء هذا المقلد بهذا الحكم ولم يقُلْه أحد من المُقلَّدين والأئمة المجتهدين ؟ هذا قالوه وهم يدَّعون التقليد ، قد اجتهدوا ثم قالوا ما لم يقُلْه أحد من المجتهدين إطلاقًا ، إذًا نحن ننصح هذا السَّائل أو من يحكي عنه السَّائل أنه يجب أن يتَّخذ مذهبًا له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - دائمًا وأبدًا ، لكن نحن لا نقول له كما يقول يظن بعض الناس ويتَّهموننا ظلمًا وزورًا أنُّو نقول : لازم عامة المسلمين يجتهدون ويفهموا الكتاب والسنة مباشرةً ، ويعرفون الحديث الصحيح من الضعيف ، والعام والخاص والمطلق والمقيد و و إلى آخر ما هنالك ، نحن ما نقول هذا ، وإنما نقول كما قلنا في كثير من المناسبات أن الله - عز وجل - جَعَلَ المجتمع الإسلامي من حيث العلم قسمين ؛ قسم أهل علم ، وقسم ليسوا بأهل علم ، وأوجَبَ على كلٍّ من القسمين واجبًا يجب على كلهم أن يقوم به .
أهل العلم إذا سُئلوا وَجَبَ عليهم أن يجيبوا ، غيرهم واجبهم أن يسألوا ، (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) . فأنت أيها المقلِّد الذي فرضْتَ على نفسك تقليد إمام أو مذهب من المذاهب فرضًا لم يفرِضْه الله ولا رسوله ولا إمام من أئمة المسلمين ؛ الواجب عليك أن تنزعَ من ذهنك هذا الذي فرضْتَه على نفسك ، وأن تفرض عليها من جديد اتباع الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - .
لكن أنا أعرف أنك ستقول : أنا أمِّي ، أنا لا أقرأ ، أنا جاهل ، فيأتيك الجواب من صميم القرآن الكريم بلغةٍ يفهمها حتى العامي من العوام ، بل لعل الأعاجم - أيضًا - يشاركون العرب في فهم تلك الآية : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) ؛ فواجبك أن تسأل العالم لِيُدلَّك على ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ليدلَّك على قال أبو حنيفة إن كان مذهبك الحنفي ، أو مالك إن كان إمامك مالك ، ونحو ذلك .
إذًا إنما أُمِرنا في اتباع كتاب الله وبحديث رسول الله ، وجَعَلَ ذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عصمةً للناس فيما إذا تمسَّكوا به أن لا يضلوا ولا أن يمليوا يمينًا ويسارًا ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( تركتُ فيكم أمرَين لن تضلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما ؛ كتاب الله وسُنَّتي ، ولن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوض ) .
فنسأل الله - تبارك وتعالى - أن يُحيِيَنا على الكتاب والسنة ، وأن يميتَنا على ذلك ، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين ، ونرجو أن يجمعنا ربُّنا - عز وجل - في وقت آخر ، وعسى أن يكون ذلك قريبًا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
السائل : جزاك الله خير .
الشيخ : يقول الأئمة السابقين ؟
السائل : إي .
الشيخ : الظاهر أن السَّائل أراد شيئًا وغلبه لفظه ، فأفاد خلاف ما أراد ! حينما يقول : الأئمة السابقين إنما يتبادر الأئمة المجتهدين ... أن دعا أتباعه إلى تقليده ونهاهم عن اتباع الكتاب والسنة وألزَمَهم أن يجروا خلفه حذو القذَّة بالقذَّة ، حاشاهم من ذلك . وإن أراد بالأئمة هنا خلاف المُتبادر من لفظه ؛ أي : العلماء المقلدين للأولئك الأئمة المجتهدين ؛ فحينئذٍ نقول : لا عبرة بهؤلاء الذين سمَّاهم بالأئمة ما دام أنهم مقلِّدون ، والمقلِّد باعتراف المقلِّدين واجبه أن يتَّبع أقوال المجتهدين ؛ حتى إنهم لَيُصرِّحون بعبارة فيها دقَّة ؛ يقولون : دليل المجتهد الكتاب والسنة ، ودليل المقلِّد قول الإمام ؛ ليس قول الله وقول رسول الله . قول الله وقول رسول الله هو دليل الإمام المجتهد ، أما دليل المقلِّد فهو قال : إمامي فلان ، قال : إمامي فلان ، قال الله قال رسول الله هذا ما ينبغي أن يقوله المقلِّد ، ونحن نقول : من فمك ندينك ؛ ما دام أنُّو مذهب التقليد يُوجب عليك أن تقول بما قال الإمام ؛ فنحن نقول أن الأئمة كلهم قالوا : لا تقلدونا في ديننا ، لا تقلدني ومالكًا ولا سفيان ولا غيره ، وإنما خذوا من حيث أخذوا ، والنصوص في هذا كثيرة وكثيرة جدًّا ، وقد كنتُ ذكرتُ الكثير الطيب منها في مقدمة " صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - " ؛ لذلك فقول السَّائل بأن الأئمة أمَرُوا بذلك هذا خطأ إذا لم نقل افتراء عليهم ، أما قوله : أنا أتبع مذهب أو أقلد مذهبًا ، لكن إذا بدا لي الدليل اتَّبعته ، فنقول له : فما بدا لك حتى اليوم الدليل أنه لا يجوز لك أن تتَّخذ إمامًا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُعطَ العصمة أحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ما قام الدليل لديك حتى اليوم أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ؟ فكما أنه لا معبود بحقٍّ إلا الله فكذلك لا متبوع بحقِّ إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟! ما تبيَّنت لك هذه الحقيقة بعد ؟!
أنا أظن حينئذٍ أن الرجل يغرِّر بنفسه ، أو يتستَّر أمام أصحابه فيقول : أنا مقلد لمذهب من المذاهب ، لكن إذا ظهر لي الدليل اتَّبعته ، يا سبحان الله !! إذا كان مذهبك - مثلًا - مذهب الحنفي ، والحنفي يقول : بأن خروج خط يشبه الألف من الدم في مكان من بدنك يفسد وينقض عليك الوضوء ؛ فإذا ظهر لك الدليل في أن هذا الوضوء لا يزال صحيحًا تتَّبعه وتخالف المذهب ؟ فلِمَ لا تخالف المذهب الذي يقول ليس على لسان الأئمة ، وإنما على لسان مقلدين الأئمة ، ومن ذلك - أيضًا - قول الباجوري :
" وواجبٌ تقليدُ حَبْرٍ مِنهُمُ "
من أين جاء هذا المقلد بهذا الحكم ولم يقُلْه أحد من المُقلَّدين والأئمة المجتهدين ؟ هذا قالوه وهم يدَّعون التقليد ، قد اجتهدوا ثم قالوا ما لم يقُلْه أحد من المجتهدين إطلاقًا ، إذًا نحن ننصح هذا السَّائل أو من يحكي عنه السَّائل أنه يجب أن يتَّخذ مذهبًا له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - دائمًا وأبدًا ، لكن نحن لا نقول له كما يقول يظن بعض الناس ويتَّهموننا ظلمًا وزورًا أنُّو نقول : لازم عامة المسلمين يجتهدون ويفهموا الكتاب والسنة مباشرةً ، ويعرفون الحديث الصحيح من الضعيف ، والعام والخاص والمطلق والمقيد و و إلى آخر ما هنالك ، نحن ما نقول هذا ، وإنما نقول كما قلنا في كثير من المناسبات أن الله - عز وجل - جَعَلَ المجتمع الإسلامي من حيث العلم قسمين ؛ قسم أهل علم ، وقسم ليسوا بأهل علم ، وأوجَبَ على كلٍّ من القسمين واجبًا يجب على كلهم أن يقوم به .
أهل العلم إذا سُئلوا وَجَبَ عليهم أن يجيبوا ، غيرهم واجبهم أن يسألوا ، (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) . فأنت أيها المقلِّد الذي فرضْتَ على نفسك تقليد إمام أو مذهب من المذاهب فرضًا لم يفرِضْه الله ولا رسوله ولا إمام من أئمة المسلمين ؛ الواجب عليك أن تنزعَ من ذهنك هذا الذي فرضْتَه على نفسك ، وأن تفرض عليها من جديد اتباع الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - .
لكن أنا أعرف أنك ستقول : أنا أمِّي ، أنا لا أقرأ ، أنا جاهل ، فيأتيك الجواب من صميم القرآن الكريم بلغةٍ يفهمها حتى العامي من العوام ، بل لعل الأعاجم - أيضًا - يشاركون العرب في فهم تلك الآية : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) ؛ فواجبك أن تسأل العالم لِيُدلَّك على ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ليدلَّك على قال أبو حنيفة إن كان مذهبك الحنفي ، أو مالك إن كان إمامك مالك ، ونحو ذلك .
إذًا إنما أُمِرنا في اتباع كتاب الله وبحديث رسول الله ، وجَعَلَ ذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عصمةً للناس فيما إذا تمسَّكوا به أن لا يضلوا ولا أن يمليوا يمينًا ويسارًا ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( تركتُ فيكم أمرَين لن تضلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما ؛ كتاب الله وسُنَّتي ، ولن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوض ) .
فنسأل الله - تبارك وتعالى - أن يُحيِيَنا على الكتاب والسنة ، وأن يميتَنا على ذلك ، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين ، ونرجو أن يجمعنا ربُّنا - عز وجل - في وقت آخر ، وعسى أن يكون ذلك قريبًا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
السائل : جزاك الله خير .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 175
- توقيت الفهرسة : 00:44:01
- نسخة مدققة إملائيًّا