هل أبو جعفر الطحاوي من المقلدين .؟ وكلمة في ذم التعصب والتقليد .
A-
A=
A+
السائل : عبارة الطحاوي ، ماذا يقول في ذمّ التّقليد والتعصّب ؟
الشيخ : أبو جعفر الطحاوي ؟
السائل : نعم .
سائل آخر : السّلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته أهلا وسهلا مرحبا الآن فهمت أو كدت أفهم , لعلّك تعني ما قلته صباحا اليوم ؟
السائل : نعم .
الشيخ : " لا فرق بين مقلّد يقلّد وبين بهيمة تقاد " فهذا معناه .
السائل : أظن أنه قال لا يقلد إلا غبي أو عصبي .
الشيخ : أي نعم فيه لفظة عصبي أي نعم .
السائل : أنا رأيت أهل التعصب من المذهب الحنفي شيء رهيب .
الشيخ : معليش يا شيخ لكن ( اذكروا محاسن موتاكم ) ولو أنّ الحديث ضعيف السند لكن المعنى صحيح ( لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدّموا ) أبو جعفر الطّحاوي نعم مقلّد ويغلب عليه التّقليد ويدافع عن المذهب دفاع المقلّدين ولكن هو خير من كثيرين .
السائل : هل هو أعلم من أبو حنيفة يا شيخ ؟
الشيخ : أقول لك هو خير من كثير من المقلّدين بدليل أنه خالف المذهب في عشرات المسائل لكن أنا في الواقع أريد من إخواننا الدّعاة إلى السّنّة أن يعرفوا بطبيعة البشر وأن لا يلاحظوا صعوبة الإنفكاك عن العادة وعن التقليد إلا بعد جهد جهيد و زمن مديد ، لعلّك تشاركني في إطّلاعك على علم أبي الحسنات اللّكنوي وأنّه من نوادر الحنفية في الهند الّذين تأثّروا بمنهج أهل الحديث واختاروا كثيرا من المسائل الّتي يخالفون فيها أئمتهم وأنّه مات ولم يكتب له أن يعيش حياة طويلة ، وفي اعتقادي لو أتيح له ذلك لكان رأسا في الدعوة إلى الحديث وأهل الحديث هناك في الهند حيث كان يقيم رحمه الله لكن كما يقولون وما أدري هذه العبارة هل تصح أن تقال " أعجلته المنيّة " فلم يتح له أن يستمرّ في هذا النّقد العلمي في غزارة علمه لأصبح في رأيي خيرا من الّذي جرت بينه وبينهم مناقشات طويلة وهو صديق حسن خان , فإذا إذا رأينا أبا جعفر الطّحاوي وأمثاله متمسّكين بالمذهب فيجب أن نعرف أن هذه طبيعة البشر وأن التخلّص من آثار بل ومن ... هذا الجمود المذهبي ليس بالأمر السّهل أبدا ؛ فإذا وجدنا أبا جعفر يخالف مذهبه في عشرات المسائل في كتابه الذي تتجلّى فيه تعصّبه لمذهبه وهو " شرح معاني الآثار " ففي هذا الكتاب نفسه يقرّر مخالفته لأبي حنيفة والإمام محمّد وأبي يوسف اتباعا للحديث ؛ فأنا أعلّل بأنّه لم يخرج عن التقيّد بالمذهب إلى حد كبير كما هو الشأن في ابن تيمية وابن القيم حيث خرج عن التّمسّك بالمذهب الحنبلي إلى أبعد الحدود , لكن مع ذلك بقيت هناك رواسب كثيرة وبخاصّة بالنسبة لابن القيم حيث بقيت فيه رواسب تصوّف ، كان قد تتلمذ فيما يبدوا لنا على بعض المشايخ الصوفيّة هناك ولذلك تجد منه التصوّف لا نجده في ابن تيمية , وأنا شخصيا لا ألومه لأن الخلاص من هذه الرّواسب ليس بالأمر السّهل أبدا ؛ خلاصة الكلام أنّ أبا جعفر الطّحاوي هو رجل عالم بالسّنّة ، عالم بالحديث على طريقة أهل الحديث ويجمع الطّرق والألفاظ ويبني عليها أحكام شرعيّة وفي كثير من الأحيان يجتهد ولا يقلّد ؛ لكن أكثر الأحيان مع الأسف هو حنفيّ المذهب , فإذا إذا ذكرنا سيّئاته ذكرنا أيضا معها حسناته ولكن أنصح في سبيل إيجاد شيء من التّقارب الفكري بيننا وبين المخالفين لنا أن لا ندندن حول السّيّئات وإنّما نكثر من الدّندنة حول الحسنات ، وحينما نضطرّ إلى أن نذكر أنّ هذا الرّجل مع فضله وعلمه ظلّ جامدا على تقليده لأكثر المسائل نفعل ذلك لأننا لا نريد أن نحابي أحدا ولكن نريد كما أشرت أنت آنفا ، عفوا قريبا في بعض الجلسات العلميّة يجب أن نستعمل السّياسة الشرعيّة ، ومن سياستك أن تمنع صاحبنا أن يسجّل كلاما لك , هذه سياسة شرعية لا بأس فيها إذا ما وضعت موضعها كذلك لأن الحقيقة أنا أخشى من الإفراط والتفريط أن يتوطّن إخواننا الطلاب الناشئون على الغمز واللّمز والطّعن في المخالفين لنا في كثير من المسائل بينما هم يسلكون معنا في الخطّ الأساسي وهو اتّباع الكتاب والسنة لكن يختلفون عنّا أنّهم لا يزالون مقلّدين وأنا كما يقولون عندنا في سوريا العبد الفقير أنا أعرف لماذا أنا منسجم معكم كثيرا ، لأنّي ما عشت تحت توجيه عالم حنفيّ وإنمّا ربنا عزّ و جلّ أنقذني بفضل من عنده ونشّأني نشأة علمية خاصة ، فما عرفت التّمذهب إلا في أول حياتي العلمية ، قرأت على والدي رحمه الله وعلى غيره من بعض مشايخ الحنفية مثل مراقي الفلاح ، مثل القدوري ونحو ذلك ؛ لكن سرعان ما ربي هداني إلى السنة وعشت عليها كما ترون لكني أتصوّر لو كنت قد نشأت على المذهب الحنفي سنين طويلة ثم جاءني الفتح بعد لئي الكتاب والسّنّة كما نفعل نحن مع النّاس اليوم هات حتى يرجع ويعود إلى الصواب بالمائة خمسين أو ستين صعب جدا هذا ؛ ولذلك فأنا أعتقد أنه ينبغي علينا أن نكون قنوعين إذا ما رأينا إنسانا في الخطوة الأولى وافق معنا على الكتاب والسّنّة ، المقصود أردت أن أقول لو التقينا مع بعض هؤلاء المقلّدين أو الصّوفيّين المنحرفين أو الأشاعرة أو الماتريديّين فاستجاب لنا أن هذا الكلام هو الحق ، الكتاب والسنة ولا شيء لكن أنت تراه لا يزال على عقيدته لايزال على حنفيته ؛ فأنا أقول مجرد أن تسمع منه هذا الإعتراف على التعبير السوري " اضحك في عبّك " اضحك في عبك إذا ما وافق معك على هذا الأصل الصحيح ؛ لكن بعد ذلك تابعه بالموعظة والتذكير و و إلى آخره ، ثم ما حصلت منه من انحراف عمّا كان عليه من التمذهب إلى التّمسّك بالكتاب والسنّة فهذا نور على نور ؛ أمّا أن يصبح سلفيّ العقيدة والمنهج العلميّ قصرا ما بين عشية وضحاها هذا أمر مستحيل والمثل بين أيدينا أن نرى جهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتعبه مع أصحابه ولنضرب على ذلك الخليفة الثّاني الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كم كان عدوّا شديدا ضدّ الدّعوة وكم كان يحاول أن يفتن النّاس عن الدّعوة إلى أن حان الأوان وأسلم عن قناعة ثم كان من أقوى الناس في دين الله تبارك وتعالى .
السائل : وأعزّ الله به الإسلام ، ما زال الإسلام عزيزا منذ أسلم عمر .
الشيخ : أحسنت ، هذا قول ابن مسعود رضي الله عنه ، نعم , الشاهد .
سائل آخر : السّلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته , أنا أقول لبعض إخواننا أضرب لهم مثلا وهذا المثال الآن أذكره لأضرب به عصفورين بحجر واحد كما يقولون عندنا عصفورين بحجر واحد ، أوّلا تنبيها للحاضرين وتوكيدا لصعوبة إرسال النّاس ونقلهم عن عادة من العادات مع أنّهم مسلمون ومتعبّدون لله رب العالمين ولكنّهم اعتادوا عادة فمن الصّعب جدّا جدّا أن يحيدوا عنها وحينما سنذكر هذا المثال أو نذكر هذا المثال وسنذكره أيضا , نذكر عظمة النبي صلّى الله عليه وآله وسلم الّذي أرسل إلى العرب الّذين كانوا يعبدون الأصنام وكانوا على أخلاق معروفة سيّئة من وأد البنات ومعاقرة الخمور ونحو ذلك ، كيف استطاع عليه الصّلاة والسّلام أن ينقل هذه الأمّة , الأمّة العربية من الضلال إلى الهدى ؟ من الشرك الأكبر إلى التوحيد إلى آخره ؛ هذه وحدها معجزة للرّسول صلّى الله عليه وسلم إذا ما قسناها بالدعاة الآخرين المثال هو وإخواننا الأردنيون يعرفون ذلك ، تعرفون صديقنا أبو مالك محمد شقرة هو إمام مسجد هناك يسمّى بمسجد صلاح الدّين وهو من أوائل الّذين استجابوا للدعوة السّلفية والحمد لله رب العالمين هناك وعرف في جملة ما عرف من السّنة الّتي خفيت على كثير من المصلّين وهنا القصد بالتّذكير ، الحديث المعلوم لديكم ممّا أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا أمّن الإمام فأمّنوا فإنّه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدّم من ذنبه ) المشاهد الآن في العالم الإسلام كله وهذه البلاد من هذا العالم لا يكاد الإمام يتم قراءة الآية الأخيرة من الفاتحة لا يكاد يسكن نون ولا الضالّين إلاّ والمسجد ضجّ بآمين والحديث يقول إذا أمّن فأمّنوا والعلماء يشرحون هذا الحديث بمعنيين إذا أمّن أي شرع ، إذا أمّن إذا فرغ وإذا أخذنا القول الثّاني في تفسير الجملة هذه يظهر تباين التطبيق لهذا الحديث والخطأ فاحش جدا وإذا أخذنا القول الأول وهو الّذي اطمأنت نفسي إليه أخيرا إذا شرع الإمام بآمين فاشرعوا أنتم بآمين مع ذلك فالمخالفة متجسدة تماما هذا هو العصفور الواحد وهو تنبيه إخواننا الطلاب أوّلا ليربّوا أنفسهم على هذه الملاحظة فلا يسبقوا الإمام بكلمة آمين إلاّ بعد أن يسمعوا تأمين الإمام ولا يستعجلنّ أحد فيقول وإذا كان الإمام لا يؤمّن جهرا كالحنفيّة مثلا هذا له حكم آخر ، الشّاهد هذا هو العصفور الأوّل ؛ العصفور الثّاني أخونا أبو مالك إلى هذه السّاعة منذ سنين وهو يحاول أن يربّي النّاس القليلين الّذين يصلّون في مسجده وفي كلّ صلاة جمعة فضلا عن بقيّة الصّلوات الخمس ينبّه الناّس هذا التنبيه بإيجاز ويذكّرهم بالحديث ومع ذلك بأوّل ما يقرأ (( ولا الضالّين )) وكأنّه ما تكلم ,أقول لإخواننا صراحة انظروا ما أصعب إرشاد النّاس ونقلهم من عاداتهم وتقاليدهم إلى الصّواب وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته , فإلى الآن تجد النّاس مع تكرار التّنبيه والتّعليم والتّوجيه ما استقاموا على السّنة في هذه الجزئيّة فما بالكم إذا وسّعنا دائرة التّعليم والتّذكير في العشرات ومئات المسائل والله هذه الدّعوة تحتاج إلى صبر أيّوب عليه السّلام ولا أقول إلى عمر نوح عليه السّلام الّذي لبث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاما لأنّ هذا خلاف سنّة الله عزّ وجلّ في خلقه لكن يحتاج الدّاعية أن يكون صبورا ، ومن الصّبر أن نستعمل الحكمة والسياسة كما أشرتم أنتم في بعض كلماتكم مع هؤلاء المخالفين وأن نتلطف معهم ولا أن نحقّر علماءهم بينهم فيظنّون بنا ظنّ السّوء ولذلك فمثل هذا أبو جعفر الطحاوي أنا أتمنى أن يكون الحنفيّون كلّهم قديما وحديثا مثله في العلم وفي العدول عن الجمود على التقليد المذهبي في بعض المسائل , هذه نعمة كبيرة ومع ذلك الأمر كما قيل وكانوا إذا عدو قليلا فصاروا اليوم أقل من القليل فصاروا اليوم .
سائل آخر : أحسن من القليل .
الشيخ : أي نعم فنسأل الله عزّ وجلّ أن يهدينا وأن يوفّقنا لاتّباع السّنة والدعوة إليها بالحكمة والموعظة الحسنة . نعم .
السائل : ومع ذلك يا شيخنا لو رأيت العجائب في سرعة التحوّل على الباطل في بعض النّاس
الشيخ : آه
السائل : يعني لو عاش عمرا مديدا على خطأ ثمّ إذا قيل له قال الله قال رسول الله ينتهي هذا الخطأ بسرعة .
الشيخ : الحمد لله .
السائل : رأينا في كشمير العجائب يا شيخنا يعني الشيخ عبد الرّزاق ... في المساجد لاحظ عليهم أخطاء في الصلاة وغيرها فالملاحظة الواحدة تلقيها ينتهي كل شيء .
الشيخ : بس هذا لاشكّ لا يكون متفقّها التفقّه الخلفيّ يكون مازال خمير فطير .
السائل : لا هؤلاء أصولهم صحيحة أهل الحديث أصلهم التمسك بالكتاب والسّنة يعني الأصل صحيح فإذا قلت قال الله قال رسول الله فهم مهيئون هم للتغيير بسهولة أيضا ...
الشيخ : بارك الله فيك جزاك الله خيرا .
السائل : ذهبنا إلى المدارس أوّل ... بعد الجامعة أيّامها أرسلنا إليهم ملابس فجئنا وهم يدرّسون فيما يدرّسون أن السّلفية في العقائد كتب التوحيد لا وجود لها لابن تيميّة ومحمد بن عبد الوهّاب لا وجود لها أبدا وعمدتهم في العقيدة العقيدة النسفية فأستذركنا هذا وقلنا كيف هذا المنهج أنتم تزعمون أنّكم أهل الحديث وأنّكم سلفيّون فأين مرجعكم من السلفية ثمّ ما عندكم من السلفية شيء بل عندكم ضدّها وهي العقيدة النسفيّة طبعا فيها المقبول وغير المقبول ثمّ هذا المنهج بين أيديكم خذوا ما شئتم من الكتب وخلاص الأمور تمشي وغيّرنا المنهج وجئنا بكتب التوحيد لابن تيميّة ومحمد بن عبد الوهّاب والطحاويّة والواسطيّة , التّدمريّة كتاب التّوحيد وفتح المجيد ، ومشت راحت الجامعات الهنديّة تغيّر فورا إلى السّلفية تغيّر فورا أصولهم صحيحة .
الشيخ : الحمد لله .
السائل : الحمد لله , بعدين بس الجماعة بعدين يبردونن لما تقول لهم هذا الكلام ، يروحوا ينامون عن الدعوة قل لهم اصبروا وواصلوا إلى الدعوة بس تكون الأخلاق طيّبة أليس كذلك ؟ فالشيخ ما يبغى يبرّدكم خليكم رجال شغّالين لكن بالحكمة والأدب ... .
الشيخ : أبو جعفر الطحاوي ؟
السائل : نعم .
سائل آخر : السّلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته أهلا وسهلا مرحبا الآن فهمت أو كدت أفهم , لعلّك تعني ما قلته صباحا اليوم ؟
السائل : نعم .
الشيخ : " لا فرق بين مقلّد يقلّد وبين بهيمة تقاد " فهذا معناه .
السائل : أظن أنه قال لا يقلد إلا غبي أو عصبي .
الشيخ : أي نعم فيه لفظة عصبي أي نعم .
السائل : أنا رأيت أهل التعصب من المذهب الحنفي شيء رهيب .
الشيخ : معليش يا شيخ لكن ( اذكروا محاسن موتاكم ) ولو أنّ الحديث ضعيف السند لكن المعنى صحيح ( لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدّموا ) أبو جعفر الطّحاوي نعم مقلّد ويغلب عليه التّقليد ويدافع عن المذهب دفاع المقلّدين ولكن هو خير من كثيرين .
السائل : هل هو أعلم من أبو حنيفة يا شيخ ؟
الشيخ : أقول لك هو خير من كثير من المقلّدين بدليل أنه خالف المذهب في عشرات المسائل لكن أنا في الواقع أريد من إخواننا الدّعاة إلى السّنّة أن يعرفوا بطبيعة البشر وأن لا يلاحظوا صعوبة الإنفكاك عن العادة وعن التقليد إلا بعد جهد جهيد و زمن مديد ، لعلّك تشاركني في إطّلاعك على علم أبي الحسنات اللّكنوي وأنّه من نوادر الحنفية في الهند الّذين تأثّروا بمنهج أهل الحديث واختاروا كثيرا من المسائل الّتي يخالفون فيها أئمتهم وأنّه مات ولم يكتب له أن يعيش حياة طويلة ، وفي اعتقادي لو أتيح له ذلك لكان رأسا في الدعوة إلى الحديث وأهل الحديث هناك في الهند حيث كان يقيم رحمه الله لكن كما يقولون وما أدري هذه العبارة هل تصح أن تقال " أعجلته المنيّة " فلم يتح له أن يستمرّ في هذا النّقد العلمي في غزارة علمه لأصبح في رأيي خيرا من الّذي جرت بينه وبينهم مناقشات طويلة وهو صديق حسن خان , فإذا إذا رأينا أبا جعفر الطّحاوي وأمثاله متمسّكين بالمذهب فيجب أن نعرف أن هذه طبيعة البشر وأن التخلّص من آثار بل ومن ... هذا الجمود المذهبي ليس بالأمر السّهل أبدا ؛ فإذا وجدنا أبا جعفر يخالف مذهبه في عشرات المسائل في كتابه الذي تتجلّى فيه تعصّبه لمذهبه وهو " شرح معاني الآثار " ففي هذا الكتاب نفسه يقرّر مخالفته لأبي حنيفة والإمام محمّد وأبي يوسف اتباعا للحديث ؛ فأنا أعلّل بأنّه لم يخرج عن التقيّد بالمذهب إلى حد كبير كما هو الشأن في ابن تيمية وابن القيم حيث خرج عن التّمسّك بالمذهب الحنبلي إلى أبعد الحدود , لكن مع ذلك بقيت هناك رواسب كثيرة وبخاصّة بالنسبة لابن القيم حيث بقيت فيه رواسب تصوّف ، كان قد تتلمذ فيما يبدوا لنا على بعض المشايخ الصوفيّة هناك ولذلك تجد منه التصوّف لا نجده في ابن تيمية , وأنا شخصيا لا ألومه لأن الخلاص من هذه الرّواسب ليس بالأمر السّهل أبدا ؛ خلاصة الكلام أنّ أبا جعفر الطّحاوي هو رجل عالم بالسّنّة ، عالم بالحديث على طريقة أهل الحديث ويجمع الطّرق والألفاظ ويبني عليها أحكام شرعيّة وفي كثير من الأحيان يجتهد ولا يقلّد ؛ لكن أكثر الأحيان مع الأسف هو حنفيّ المذهب , فإذا إذا ذكرنا سيّئاته ذكرنا أيضا معها حسناته ولكن أنصح في سبيل إيجاد شيء من التّقارب الفكري بيننا وبين المخالفين لنا أن لا ندندن حول السّيّئات وإنّما نكثر من الدّندنة حول الحسنات ، وحينما نضطرّ إلى أن نذكر أنّ هذا الرّجل مع فضله وعلمه ظلّ جامدا على تقليده لأكثر المسائل نفعل ذلك لأننا لا نريد أن نحابي أحدا ولكن نريد كما أشرت أنت آنفا ، عفوا قريبا في بعض الجلسات العلميّة يجب أن نستعمل السّياسة الشرعيّة ، ومن سياستك أن تمنع صاحبنا أن يسجّل كلاما لك , هذه سياسة شرعية لا بأس فيها إذا ما وضعت موضعها كذلك لأن الحقيقة أنا أخشى من الإفراط والتفريط أن يتوطّن إخواننا الطلاب الناشئون على الغمز واللّمز والطّعن في المخالفين لنا في كثير من المسائل بينما هم يسلكون معنا في الخطّ الأساسي وهو اتّباع الكتاب والسنة لكن يختلفون عنّا أنّهم لا يزالون مقلّدين وأنا كما يقولون عندنا في سوريا العبد الفقير أنا أعرف لماذا أنا منسجم معكم كثيرا ، لأنّي ما عشت تحت توجيه عالم حنفيّ وإنمّا ربنا عزّ و جلّ أنقذني بفضل من عنده ونشّأني نشأة علمية خاصة ، فما عرفت التّمذهب إلا في أول حياتي العلمية ، قرأت على والدي رحمه الله وعلى غيره من بعض مشايخ الحنفية مثل مراقي الفلاح ، مثل القدوري ونحو ذلك ؛ لكن سرعان ما ربي هداني إلى السنة وعشت عليها كما ترون لكني أتصوّر لو كنت قد نشأت على المذهب الحنفي سنين طويلة ثم جاءني الفتح بعد لئي الكتاب والسّنّة كما نفعل نحن مع النّاس اليوم هات حتى يرجع ويعود إلى الصواب بالمائة خمسين أو ستين صعب جدا هذا ؛ ولذلك فأنا أعتقد أنه ينبغي علينا أن نكون قنوعين إذا ما رأينا إنسانا في الخطوة الأولى وافق معنا على الكتاب والسّنّة ، المقصود أردت أن أقول لو التقينا مع بعض هؤلاء المقلّدين أو الصّوفيّين المنحرفين أو الأشاعرة أو الماتريديّين فاستجاب لنا أن هذا الكلام هو الحق ، الكتاب والسنة ولا شيء لكن أنت تراه لا يزال على عقيدته لايزال على حنفيته ؛ فأنا أقول مجرد أن تسمع منه هذا الإعتراف على التعبير السوري " اضحك في عبّك " اضحك في عبك إذا ما وافق معك على هذا الأصل الصحيح ؛ لكن بعد ذلك تابعه بالموعظة والتذكير و و إلى آخره ، ثم ما حصلت منه من انحراف عمّا كان عليه من التمذهب إلى التّمسّك بالكتاب والسنّة فهذا نور على نور ؛ أمّا أن يصبح سلفيّ العقيدة والمنهج العلميّ قصرا ما بين عشية وضحاها هذا أمر مستحيل والمثل بين أيدينا أن نرى جهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتعبه مع أصحابه ولنضرب على ذلك الخليفة الثّاني الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كم كان عدوّا شديدا ضدّ الدّعوة وكم كان يحاول أن يفتن النّاس عن الدّعوة إلى أن حان الأوان وأسلم عن قناعة ثم كان من أقوى الناس في دين الله تبارك وتعالى .
السائل : وأعزّ الله به الإسلام ، ما زال الإسلام عزيزا منذ أسلم عمر .
الشيخ : أحسنت ، هذا قول ابن مسعود رضي الله عنه ، نعم , الشاهد .
سائل آخر : السّلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته , أنا أقول لبعض إخواننا أضرب لهم مثلا وهذا المثال الآن أذكره لأضرب به عصفورين بحجر واحد كما يقولون عندنا عصفورين بحجر واحد ، أوّلا تنبيها للحاضرين وتوكيدا لصعوبة إرسال النّاس ونقلهم عن عادة من العادات مع أنّهم مسلمون ومتعبّدون لله رب العالمين ولكنّهم اعتادوا عادة فمن الصّعب جدّا جدّا أن يحيدوا عنها وحينما سنذكر هذا المثال أو نذكر هذا المثال وسنذكره أيضا , نذكر عظمة النبي صلّى الله عليه وآله وسلم الّذي أرسل إلى العرب الّذين كانوا يعبدون الأصنام وكانوا على أخلاق معروفة سيّئة من وأد البنات ومعاقرة الخمور ونحو ذلك ، كيف استطاع عليه الصّلاة والسّلام أن ينقل هذه الأمّة , الأمّة العربية من الضلال إلى الهدى ؟ من الشرك الأكبر إلى التوحيد إلى آخره ؛ هذه وحدها معجزة للرّسول صلّى الله عليه وسلم إذا ما قسناها بالدعاة الآخرين المثال هو وإخواننا الأردنيون يعرفون ذلك ، تعرفون صديقنا أبو مالك محمد شقرة هو إمام مسجد هناك يسمّى بمسجد صلاح الدّين وهو من أوائل الّذين استجابوا للدعوة السّلفية والحمد لله رب العالمين هناك وعرف في جملة ما عرف من السّنة الّتي خفيت على كثير من المصلّين وهنا القصد بالتّذكير ، الحديث المعلوم لديكم ممّا أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا أمّن الإمام فأمّنوا فإنّه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدّم من ذنبه ) المشاهد الآن في العالم الإسلام كله وهذه البلاد من هذا العالم لا يكاد الإمام يتم قراءة الآية الأخيرة من الفاتحة لا يكاد يسكن نون ولا الضالّين إلاّ والمسجد ضجّ بآمين والحديث يقول إذا أمّن فأمّنوا والعلماء يشرحون هذا الحديث بمعنيين إذا أمّن أي شرع ، إذا أمّن إذا فرغ وإذا أخذنا القول الثّاني في تفسير الجملة هذه يظهر تباين التطبيق لهذا الحديث والخطأ فاحش جدا وإذا أخذنا القول الأول وهو الّذي اطمأنت نفسي إليه أخيرا إذا شرع الإمام بآمين فاشرعوا أنتم بآمين مع ذلك فالمخالفة متجسدة تماما هذا هو العصفور الواحد وهو تنبيه إخواننا الطلاب أوّلا ليربّوا أنفسهم على هذه الملاحظة فلا يسبقوا الإمام بكلمة آمين إلاّ بعد أن يسمعوا تأمين الإمام ولا يستعجلنّ أحد فيقول وإذا كان الإمام لا يؤمّن جهرا كالحنفيّة مثلا هذا له حكم آخر ، الشّاهد هذا هو العصفور الأوّل ؛ العصفور الثّاني أخونا أبو مالك إلى هذه السّاعة منذ سنين وهو يحاول أن يربّي النّاس القليلين الّذين يصلّون في مسجده وفي كلّ صلاة جمعة فضلا عن بقيّة الصّلوات الخمس ينبّه الناّس هذا التنبيه بإيجاز ويذكّرهم بالحديث ومع ذلك بأوّل ما يقرأ (( ولا الضالّين )) وكأنّه ما تكلم ,أقول لإخواننا صراحة انظروا ما أصعب إرشاد النّاس ونقلهم من عاداتهم وتقاليدهم إلى الصّواب وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته , فإلى الآن تجد النّاس مع تكرار التّنبيه والتّعليم والتّوجيه ما استقاموا على السّنة في هذه الجزئيّة فما بالكم إذا وسّعنا دائرة التّعليم والتّذكير في العشرات ومئات المسائل والله هذه الدّعوة تحتاج إلى صبر أيّوب عليه السّلام ولا أقول إلى عمر نوح عليه السّلام الّذي لبث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاما لأنّ هذا خلاف سنّة الله عزّ وجلّ في خلقه لكن يحتاج الدّاعية أن يكون صبورا ، ومن الصّبر أن نستعمل الحكمة والسياسة كما أشرتم أنتم في بعض كلماتكم مع هؤلاء المخالفين وأن نتلطف معهم ولا أن نحقّر علماءهم بينهم فيظنّون بنا ظنّ السّوء ولذلك فمثل هذا أبو جعفر الطحاوي أنا أتمنى أن يكون الحنفيّون كلّهم قديما وحديثا مثله في العلم وفي العدول عن الجمود على التقليد المذهبي في بعض المسائل , هذه نعمة كبيرة ومع ذلك الأمر كما قيل وكانوا إذا عدو قليلا فصاروا اليوم أقل من القليل فصاروا اليوم .
سائل آخر : أحسن من القليل .
الشيخ : أي نعم فنسأل الله عزّ وجلّ أن يهدينا وأن يوفّقنا لاتّباع السّنة والدعوة إليها بالحكمة والموعظة الحسنة . نعم .
السائل : ومع ذلك يا شيخنا لو رأيت العجائب في سرعة التحوّل على الباطل في بعض النّاس
الشيخ : آه
السائل : يعني لو عاش عمرا مديدا على خطأ ثمّ إذا قيل له قال الله قال رسول الله ينتهي هذا الخطأ بسرعة .
الشيخ : الحمد لله .
السائل : رأينا في كشمير العجائب يا شيخنا يعني الشيخ عبد الرّزاق ... في المساجد لاحظ عليهم أخطاء في الصلاة وغيرها فالملاحظة الواحدة تلقيها ينتهي كل شيء .
الشيخ : بس هذا لاشكّ لا يكون متفقّها التفقّه الخلفيّ يكون مازال خمير فطير .
السائل : لا هؤلاء أصولهم صحيحة أهل الحديث أصلهم التمسك بالكتاب والسّنة يعني الأصل صحيح فإذا قلت قال الله قال رسول الله فهم مهيئون هم للتغيير بسهولة أيضا ...
الشيخ : بارك الله فيك جزاك الله خيرا .
السائل : ذهبنا إلى المدارس أوّل ... بعد الجامعة أيّامها أرسلنا إليهم ملابس فجئنا وهم يدرّسون فيما يدرّسون أن السّلفية في العقائد كتب التوحيد لا وجود لها لابن تيميّة ومحمد بن عبد الوهّاب لا وجود لها أبدا وعمدتهم في العقيدة العقيدة النسفية فأستذركنا هذا وقلنا كيف هذا المنهج أنتم تزعمون أنّكم أهل الحديث وأنّكم سلفيّون فأين مرجعكم من السلفية ثمّ ما عندكم من السلفية شيء بل عندكم ضدّها وهي العقيدة النسفيّة طبعا فيها المقبول وغير المقبول ثمّ هذا المنهج بين أيديكم خذوا ما شئتم من الكتب وخلاص الأمور تمشي وغيّرنا المنهج وجئنا بكتب التوحيد لابن تيميّة ومحمد بن عبد الوهّاب والطحاويّة والواسطيّة , التّدمريّة كتاب التّوحيد وفتح المجيد ، ومشت راحت الجامعات الهنديّة تغيّر فورا إلى السّلفية تغيّر فورا أصولهم صحيحة .
الشيخ : الحمد لله .
السائل : الحمد لله , بعدين بس الجماعة بعدين يبردونن لما تقول لهم هذا الكلام ، يروحوا ينامون عن الدعوة قل لهم اصبروا وواصلوا إلى الدعوة بس تكون الأخلاق طيّبة أليس كذلك ؟ فالشيخ ما يبغى يبرّدكم خليكم رجال شغّالين لكن بالحكمة والأدب ... .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 369
- توقيت الفهرسة : 00:09:58