ما هي الطريقة الصحيحة في معاملة الطالبات المتعصبات لمذهب معين.؟
A-
A=
A+
السائلة : بالنسبة نحن طالبات في جامعة الملك عبد العزيز ، ففي قسم الشريعة يدرس الأحكام على المذاهب والأخوات بتعاملهم على هذا الأساس ، وعند المناقشة معهم فإذا كان الحديث ضعيف أو يجب علينا عدم إتباع مذهب معين ، نجد مناقشة عقيمة تقام ، فلا نعرف كيف نتصرف أو نرد عليهم ، خصوصاً عندما نبحث مسألة نبحثها عن طريق الكتاب والسُنة دون اللجوء إلى كتب المذاهب ، فإذا عرفنا أن هذه الطريقة خاطئة وهي إتباع مذهب معين بعينه ، فما هي الطريقة الصحيحة التي تنصحنا بها ... وجماعة الإخوان و جماعة التبليغ والدعوة؛ لأن بعضهم ما يفهموا هذا الشيء ، ما شين ... غير منتمين لهذه المجموعات فما هي الطريقة الصحيحة لتوجيههم .
الشيخ : مما لا شك فيه ، أن الواجب على كل مسلم سواءً كان عالماً أو متعلماً أو مستمعاً أو جاهلاً ، الواجب على هؤلاء جميعاً ، إنما هو إتباع الكتاب والسُنة هذه يجب أن نعتبرها مقدمة أولى ولا خلاف ولا نقاش بين أحدٍ من المسلمين ، الشيء الثاني : أن الله عز وجل بعد أن فرض على كل المسلمين ، أن يحكموا وأن يتبعوا كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وهذا أمر لا حاجة بنا للخوض فيه ، لأنه مسلم فيه عند الجميع ، جعل المجتمع الإسلامي ، أن يتحاكموا إلى الله ورسوله ، فقد جعل المسلمين قسمين ، من حيث العلم وعدمه ، القسم الأول هم العلماء ، والقسم الآخر هم الذين لا يعلمون ، وقد قال تعالى في صريح القرآن الكريم : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) وأهل الذكر لا شك هم أهل القرآن ، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الثابت : ( أهل القرآن هم أهل الله وخاصته .. ) أهل الذكر هم أهل القرآن ، والرسول يقول : ( أهل القرآن هم أهل الله وخاصته ) . فعلى جميع المسلمين الذين ليسوا من العلماء أن يسألوا العلماء كما جاء في حديث أبي داود الذي يؤكد أن المبتلى بشيء ما يريد أن يعرف حكمه ، فإذا استفتى غيره فيجب على هذا المفتي ، أن يكون عالماً ليجوز له الافتاء وإلا دخل في قوله عليه السلام : ( إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً من صدور العلماء ، ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً ، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً ، فُسئلوا فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا ) حديث أبي داود يقول " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل سرية فلما وضعت الحرب أوزارها بينهم وبين المشركين ، وناموا أصبح أحدهم جنباً ، وبه جراحات من أثر المعركة فسأل من حوله ، هل يجدون له رخصة ، في أن لا يغتسل قالوا له لا بد لك من الاغتسال ، فاغتسل ، فأصابته الحمى ثم مات ، ولما بلغ خبره إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب عضباً شديداً ودعا على الذين أفتوه بتلك الفتوى " قال : ( قتلوه قاتلهم الله ألا سألوا حين جهلوا ) الشاهد هنا : ( ألا سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العي السؤال ) ، إذاً الواجب على من لا يعلم أن يسأل أهل العلم ، والواجب على أهل العلم أن يفتوا هؤلاء الناس كما قال عليه السلام : ( من سُئل عن علم فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار ) إذاً كان هذا الواجب ، فمن الواجب أن يسلك المسلم طريق السؤال المشروع ، ليعرف حكم الله فيما هو بحاجة إلى معرفته ، ولا شك ولا ريب أننا نعلم جميعاً أن الأمر كما قال عليه السلام : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) وهؤلاء القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية ، لم يوجد فيهم من يتمسك بقول عالم من علماء هذه القرون الثلاثة ، مثلاً لم يكن في الصحابة ولا فيمن بعدهم من هو بكري المذهب ، أبو بكر الصديق ، ولا من هو عُمري ، ولا من هو عثماني ولا من هو علوي ، وإنما كانوا جميعاً يتحاكمون إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل العلم ، يتلقون مع الكتاب والسُنة مباشرة ، من لا علم عنده ، يسألون هؤلاء العلماء دون أن يتعصبوا لشخص معين منهم ، لأن هذا التعصب ، يُنافي التوحيد الخالص ، التوحيد الخالص الذي هو إتباع المعصوم ، وليس هناك معصوم من البشر إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيما يتعلق بالدين ، أما أمور الدنيا فقد قال عليه السلام في الحديث الصحيح : ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) وإذا الأمر كذلك فإذا ما تمسك رجل مسلم لا يعلم ، في سبيل أن يتعلم يتمسك بقول إمام من أئمة المسلمين ، سواء كان من الصحابة أو التابعين أو اتباعهم ، فقد جعل هذا الإنسان معصوماً كالرسول عليه السلام ، وهذا من الغلو في الدين ، الذي لا يجوز أن يقع فيه شيء منهُ مع المسلمين ، لذلك قال رب العالمين ، بالنسبة للنصارى : (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله )) هذا الآية ظاهرها أشكل على أحد الصحابة الذين كانوا تنصروا في الجاهلية ، ثم لما بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالإسلام ، هداه الله إلى الإسلام ، ألا هو عدي بن حاتم الطائي ، فلما تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية كان عدي في المجلس فأشكلت الآية عليه ، لأنه فهمها على غير المراد منها ، قال : " والله يا رسول الله ما اتخذناهم أرباباً من دون الله " لماذا هو قال هكذا ؟ لأنه فهم أنهم اتخذوهم أرباباً يعني يخلقون مع الله ، الله رب العالمين أي جعلوهم كرب العالمين ، فبين لهم الرسول عليه السلام أو بيّن له الرسول عليه السلام بأن المقصود بالآية الربوبية المتعلقة بالتشريع ، فالله عز وجل كما أنه واحدٌ في ذاته ، وواحدٌ في صفاته ، فهو أيضاً واحدٌ في حكمه فليس لأحدٍ حكم معه إطلاقاً ، ولذلك ظهر اليوم العبارة العصرية : " أن الحاكمية لله عز وجل " وهذا فعلاً شيء جميل جداً لم يتبادر هذا المعنى إلى عدي ابن حاتم ولذلك قال له عليه السلام حينما استغرب المعنى الذي تبادر إلى ذهنه أنه هو المراد بالآية ، فقال له عليه السلام موضحاً ومبيناً : ( ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالاً حرمتموه وإذا حللوا لكم حراماً حللتموه ؟ ) قال : " أما هذا فقد كان يا رسول الله " قال : ( فذاك اتخاذكم إياهم أرباباً من دون الله ) , فإتباع الإنسان المسلم لشخص عالم لا يتعداه إلى غيره فيه كأنه رب العالمين له حق التشريع وليس هذا الحق لأحد من البشر إطلاقاً ، حتى الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما هو يحكي ما أوحي إليه من ربه كما قال عليه السلام في حديث في سنن أبي داود أن عبد الله بن عمرو بن العاص ، جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً ، فقال : " يا رسول الله كنت في مجلس فيه مشركون ، فقالوا لي : تكتب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يقوله في حالة الرضى ، والغضب " فقال له عليه السلام : ( اكتب ، فو الذي نفس محمد بيده ، ما يخرج منه إلا حق ) الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو وحده الذي يتميز عن كل البشر أن ما يخرج منه هو كله حق ، أما من أبي بكر الذي هو أفضل الناس ، بعد الأنبياء والرسل ، وأنت نازل وكلهم لا يمكن أن نصفهم بأن كل ما يخرج من فم أحدهم هو الحق ، لذلك لا يجوز أن نتخذ إنساناً بعينه إماماً لا نستفيد من علم الآخرين لأن هذا الحق ، لأن هذا الحق الذي أوحاه الله تبارك وتعالى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس محصوراً في شخص بذاته من بعده ، فنحن لا نعتقد في من خالفه عليه السلام من الصحابة ، ما يعتقده الشيعة في علي بن أبي طالب ، حيث اعتقدوا أن العلم الذي كان في صدر النبي - صلى الله عليه وسلم - انتقل كله إلى علي ، نحن لا نعتقد هذا ولذلك اعتقدوا فيه العصمة ، فجعلوه كالنبي عليه الصلاة والسلام في العصمة ، نحن نقول العلم الذي كان في صدر الرسول عليه السلام انتقل إلى الصحابة وليس إلى صحابي واحد ، ولذلك فمن شاء أن يأخذ العلم أو أن يأخذ بحظٍ وافر من هذا العلم فلا يكفي أن يأخذه من شخص واحد وإنما ينبغي أن يستفيد من جميعهم وإلا فقد أضاع على نفسه علماً كثيراً إذا عرفنا هذه الحقيقة وخلاصتها أننا مكلفون بإتباع الكتاب والسنة ، وأن المجتمع الإسلامي فيهم علماء ، وفيهم غير علماء ، وأن واجب هؤلاء غير العلماء أن يسألوا أهل العلم ليس أن يسألوا عالماً واحداً ، لذلك لم يكن التدين بالتمذهب بإمام واحد أو مذهب إمام واحد في القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية كما ذكرنا آنفاً ، وإنما كما كان العلم مشاعاً بين كبار الصحابة ، العلماء والفقهاء منهم ، كذلك كانت الفتوى تتوجه إلى عديد منهم وليس إلى شخص واحد منهم . وإذا كان الخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع ، فيجب أن تعود سيرة المسلمين اليوم في التدين سيرتها الأولى ، في القرون المشهود لها بالخيرية ، أي ليس للمسلمين أن يتخذوا إماماً بعينه ، وإنما عليهم أن يستفيدوا من أهل العلم كما في الآية السابقة ، فإن فعلوا ذلك ، فقد اقتدوا بالسلف الصالح وإن لم يفعلوا فقد خالفوا السلف الصالح ، زايد على ذلك أنهم خالفوا أئمتهم الذين يدعون بأنهم يتبعونهم ، أو يقلدونهم ، لأننا نعلم جميعاً أنه قد صح عن كل إمام منهم ، أنه قال ناصحاً للأمة كلها : " إذا صح الحديث فهو مذهبي " وهذا اعتراف منهم بأنه لا يمكن لعالم من علماء المسلمين أن يحيط بالحديث كله ، لهذا يقول ناصحاً لأفراد الأمة كما ذكرنا : " إذا صح الحديث فهو مذهبي " وقال بعضهم ما هو أصرح من ذلك وهو الإمام الشافعي - رضي الله عنه - قال : " قد تخفى السُنة للنبي - صلى الله عليه وسلم - عن فردً من أفراد المسلمين ، مهما قلت من قول أو أصلت من أصل وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خلاف قولي ، فخذوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - واضربوا بقولي عرض الحائط " ، فالأئمة في اتباع السُنة واتباع قول الرسول عليه السلام ، وعدم تقليد الإمام إذا تبينت السُنة يكون والحالة هذه التمذهب بمذهب إمام واحد ليس فقط مخالفاً للكتاب والسُنة ، بل هو أيضاً مخالفاً لأقوال الأئمة
الشيخ : مما لا شك فيه ، أن الواجب على كل مسلم سواءً كان عالماً أو متعلماً أو مستمعاً أو جاهلاً ، الواجب على هؤلاء جميعاً ، إنما هو إتباع الكتاب والسُنة هذه يجب أن نعتبرها مقدمة أولى ولا خلاف ولا نقاش بين أحدٍ من المسلمين ، الشيء الثاني : أن الله عز وجل بعد أن فرض على كل المسلمين ، أن يحكموا وأن يتبعوا كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وهذا أمر لا حاجة بنا للخوض فيه ، لأنه مسلم فيه عند الجميع ، جعل المجتمع الإسلامي ، أن يتحاكموا إلى الله ورسوله ، فقد جعل المسلمين قسمين ، من حيث العلم وعدمه ، القسم الأول هم العلماء ، والقسم الآخر هم الذين لا يعلمون ، وقد قال تعالى في صريح القرآن الكريم : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) وأهل الذكر لا شك هم أهل القرآن ، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الثابت : ( أهل القرآن هم أهل الله وخاصته .. ) أهل الذكر هم أهل القرآن ، والرسول يقول : ( أهل القرآن هم أهل الله وخاصته ) . فعلى جميع المسلمين الذين ليسوا من العلماء أن يسألوا العلماء كما جاء في حديث أبي داود الذي يؤكد أن المبتلى بشيء ما يريد أن يعرف حكمه ، فإذا استفتى غيره فيجب على هذا المفتي ، أن يكون عالماً ليجوز له الافتاء وإلا دخل في قوله عليه السلام : ( إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً من صدور العلماء ، ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً ، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً ، فُسئلوا فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا ) حديث أبي داود يقول " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل سرية فلما وضعت الحرب أوزارها بينهم وبين المشركين ، وناموا أصبح أحدهم جنباً ، وبه جراحات من أثر المعركة فسأل من حوله ، هل يجدون له رخصة ، في أن لا يغتسل قالوا له لا بد لك من الاغتسال ، فاغتسل ، فأصابته الحمى ثم مات ، ولما بلغ خبره إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب عضباً شديداً ودعا على الذين أفتوه بتلك الفتوى " قال : ( قتلوه قاتلهم الله ألا سألوا حين جهلوا ) الشاهد هنا : ( ألا سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العي السؤال ) ، إذاً الواجب على من لا يعلم أن يسأل أهل العلم ، والواجب على أهل العلم أن يفتوا هؤلاء الناس كما قال عليه السلام : ( من سُئل عن علم فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار ) إذاً كان هذا الواجب ، فمن الواجب أن يسلك المسلم طريق السؤال المشروع ، ليعرف حكم الله فيما هو بحاجة إلى معرفته ، ولا شك ولا ريب أننا نعلم جميعاً أن الأمر كما قال عليه السلام : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) وهؤلاء القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية ، لم يوجد فيهم من يتمسك بقول عالم من علماء هذه القرون الثلاثة ، مثلاً لم يكن في الصحابة ولا فيمن بعدهم من هو بكري المذهب ، أبو بكر الصديق ، ولا من هو عُمري ، ولا من هو عثماني ولا من هو علوي ، وإنما كانوا جميعاً يتحاكمون إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل العلم ، يتلقون مع الكتاب والسُنة مباشرة ، من لا علم عنده ، يسألون هؤلاء العلماء دون أن يتعصبوا لشخص معين منهم ، لأن هذا التعصب ، يُنافي التوحيد الخالص ، التوحيد الخالص الذي هو إتباع المعصوم ، وليس هناك معصوم من البشر إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيما يتعلق بالدين ، أما أمور الدنيا فقد قال عليه السلام في الحديث الصحيح : ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) وإذا الأمر كذلك فإذا ما تمسك رجل مسلم لا يعلم ، في سبيل أن يتعلم يتمسك بقول إمام من أئمة المسلمين ، سواء كان من الصحابة أو التابعين أو اتباعهم ، فقد جعل هذا الإنسان معصوماً كالرسول عليه السلام ، وهذا من الغلو في الدين ، الذي لا يجوز أن يقع فيه شيء منهُ مع المسلمين ، لذلك قال رب العالمين ، بالنسبة للنصارى : (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله )) هذا الآية ظاهرها أشكل على أحد الصحابة الذين كانوا تنصروا في الجاهلية ، ثم لما بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالإسلام ، هداه الله إلى الإسلام ، ألا هو عدي بن حاتم الطائي ، فلما تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية كان عدي في المجلس فأشكلت الآية عليه ، لأنه فهمها على غير المراد منها ، قال : " والله يا رسول الله ما اتخذناهم أرباباً من دون الله " لماذا هو قال هكذا ؟ لأنه فهم أنهم اتخذوهم أرباباً يعني يخلقون مع الله ، الله رب العالمين أي جعلوهم كرب العالمين ، فبين لهم الرسول عليه السلام أو بيّن له الرسول عليه السلام بأن المقصود بالآية الربوبية المتعلقة بالتشريع ، فالله عز وجل كما أنه واحدٌ في ذاته ، وواحدٌ في صفاته ، فهو أيضاً واحدٌ في حكمه فليس لأحدٍ حكم معه إطلاقاً ، ولذلك ظهر اليوم العبارة العصرية : " أن الحاكمية لله عز وجل " وهذا فعلاً شيء جميل جداً لم يتبادر هذا المعنى إلى عدي ابن حاتم ولذلك قال له عليه السلام حينما استغرب المعنى الذي تبادر إلى ذهنه أنه هو المراد بالآية ، فقال له عليه السلام موضحاً ومبيناً : ( ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالاً حرمتموه وإذا حللوا لكم حراماً حللتموه ؟ ) قال : " أما هذا فقد كان يا رسول الله " قال : ( فذاك اتخاذكم إياهم أرباباً من دون الله ) , فإتباع الإنسان المسلم لشخص عالم لا يتعداه إلى غيره فيه كأنه رب العالمين له حق التشريع وليس هذا الحق لأحد من البشر إطلاقاً ، حتى الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما هو يحكي ما أوحي إليه من ربه كما قال عليه السلام في حديث في سنن أبي داود أن عبد الله بن عمرو بن العاص ، جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً ، فقال : " يا رسول الله كنت في مجلس فيه مشركون ، فقالوا لي : تكتب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يقوله في حالة الرضى ، والغضب " فقال له عليه السلام : ( اكتب ، فو الذي نفس محمد بيده ، ما يخرج منه إلا حق ) الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو وحده الذي يتميز عن كل البشر أن ما يخرج منه هو كله حق ، أما من أبي بكر الذي هو أفضل الناس ، بعد الأنبياء والرسل ، وأنت نازل وكلهم لا يمكن أن نصفهم بأن كل ما يخرج من فم أحدهم هو الحق ، لذلك لا يجوز أن نتخذ إنساناً بعينه إماماً لا نستفيد من علم الآخرين لأن هذا الحق ، لأن هذا الحق الذي أوحاه الله تبارك وتعالى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس محصوراً في شخص بذاته من بعده ، فنحن لا نعتقد في من خالفه عليه السلام من الصحابة ، ما يعتقده الشيعة في علي بن أبي طالب ، حيث اعتقدوا أن العلم الذي كان في صدر النبي - صلى الله عليه وسلم - انتقل كله إلى علي ، نحن لا نعتقد هذا ولذلك اعتقدوا فيه العصمة ، فجعلوه كالنبي عليه الصلاة والسلام في العصمة ، نحن نقول العلم الذي كان في صدر الرسول عليه السلام انتقل إلى الصحابة وليس إلى صحابي واحد ، ولذلك فمن شاء أن يأخذ العلم أو أن يأخذ بحظٍ وافر من هذا العلم فلا يكفي أن يأخذه من شخص واحد وإنما ينبغي أن يستفيد من جميعهم وإلا فقد أضاع على نفسه علماً كثيراً إذا عرفنا هذه الحقيقة وخلاصتها أننا مكلفون بإتباع الكتاب والسنة ، وأن المجتمع الإسلامي فيهم علماء ، وفيهم غير علماء ، وأن واجب هؤلاء غير العلماء أن يسألوا أهل العلم ليس أن يسألوا عالماً واحداً ، لذلك لم يكن التدين بالتمذهب بإمام واحد أو مذهب إمام واحد في القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية كما ذكرنا آنفاً ، وإنما كما كان العلم مشاعاً بين كبار الصحابة ، العلماء والفقهاء منهم ، كذلك كانت الفتوى تتوجه إلى عديد منهم وليس إلى شخص واحد منهم . وإذا كان الخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع ، فيجب أن تعود سيرة المسلمين اليوم في التدين سيرتها الأولى ، في القرون المشهود لها بالخيرية ، أي ليس للمسلمين أن يتخذوا إماماً بعينه ، وإنما عليهم أن يستفيدوا من أهل العلم كما في الآية السابقة ، فإن فعلوا ذلك ، فقد اقتدوا بالسلف الصالح وإن لم يفعلوا فقد خالفوا السلف الصالح ، زايد على ذلك أنهم خالفوا أئمتهم الذين يدعون بأنهم يتبعونهم ، أو يقلدونهم ، لأننا نعلم جميعاً أنه قد صح عن كل إمام منهم ، أنه قال ناصحاً للأمة كلها : " إذا صح الحديث فهو مذهبي " وهذا اعتراف منهم بأنه لا يمكن لعالم من علماء المسلمين أن يحيط بالحديث كله ، لهذا يقول ناصحاً لأفراد الأمة كما ذكرنا : " إذا صح الحديث فهو مذهبي " وقال بعضهم ما هو أصرح من ذلك وهو الإمام الشافعي - رضي الله عنه - قال : " قد تخفى السُنة للنبي - صلى الله عليه وسلم - عن فردً من أفراد المسلمين ، مهما قلت من قول أو أصلت من أصل وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خلاف قولي ، فخذوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - واضربوا بقولي عرض الحائط " ، فالأئمة في اتباع السُنة واتباع قول الرسول عليه السلام ، وعدم تقليد الإمام إذا تبينت السُنة يكون والحالة هذه التمذهب بمذهب إمام واحد ليس فقط مخالفاً للكتاب والسُنة ، بل هو أيضاً مخالفاً لأقوال الأئمة
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 101
- توقيت الفهرسة : 00:31:34
- نسخة مدققة إملائيًّا