ما موقف المسلم من اختلاف العلماء في المسائل الفقهية كالذهب المحلَّق ونحوه ؟
A-
A=
A+
السائل : حضرة الشيخ ، ماذا نفعل في مثل هذه الأمور التي نجد فيها اختلافًا كبيرًا في آراء العلماء ؟ وهؤلاء العلماء كلُّهم نثق بهم وفي دينهم ولا نستطيع أن نرجح أيُّهم يملك الحق معه ، في كلِّ في أدلته ؟ فهل نستفتي نفسنا وقلبنا عملًا بحديث : ( استفتِ قلبك ولو أفتاك الناس ولو أفتوك ) ؟ أم ماذا نفعل في هذه الأمور الخلافية ، مثل قضية الذهب وغيره ؟
الشيخ : الجواب : أن هذه المسألة ليست هي أول مسألة وقع فيها خلاف بين العلماء قديمًا وحديثًا ، ولو أن هذا السؤال نبعَ أو صدرَ من هذا المجتمع العام من المسلمين الذين لم يهتدوا بكتاب الله ولا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما عاشوا على ما وجدوا عليه الآباء والأجداد ، أو عاش كلٌّ منهم على المذهب الذي تربَّى عليه ؛ فقول الله - تعالى - وقول نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - أمر غير وارد عند هذا الجمهور ، لو كان هذا السؤال صدر من أمثال هؤلاء لم يكن غريبًا ، لكن أنا أظنُّ أنني في مجتمع سلفي ، هذا المجتمع السلفي الذي تعدَّى ذلك الجهل الذي رانَ على قلوب جماهير المسلمين وهو التقليد الأعمى ، فالسلفيون هم دائمًا بغيَتُهم ما قال الله وما قال رسول الله ، فقول السائل أو السائلة : ماذا نفعل نحن ؟ احترنا ، نقول : احترتنَّ ؛ لأنكم ما فكَّرتم بأدلة المختلفين ، وإلا ما معنى قول ربِّ العالمين : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )) ، هل معنى هذه الآية وغيرها أن الله - عز وجل - كلَّف عباده ما لا يستطيعون حينما طلب منهم الرجوع عند الاختلاف والتنازع إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله ؟
فأقول - بكلِّ صراحة - : إن السائلة وغيرها هي في شكٍّ من أمرها ؛ لأنها لم تدرس الأدلة الواردة في هذا الخصوص ، وقد قدَّمت لكنَّ مثالًا ؛ إن الذين يقولون بإباحة الذهب مطلقًا لا يُعمِلون هذه الأحاديث ، بل يعطِّلونها تعطيلًا مطلقًا ، والذي يبيح الذهب من أحاديث الرسول - عليه السلام - إنما هي إباحة عامة ؛ يقولوا : ( هذان حرام على ذكور أمتي حلٌّ لإناثهم ) ... أباح الذهب للنساء إباحة عامة ، هل دخله تخصيص أم لا ؟ هنا الفقه ، وهنا ما يجب على كلِّ مسلم ومسلمة أن يقف عنده قليلًا .
من الثابت في علم الأصول أنه لا يجوز الإعراض عن الحديث الخاصِّ بسبب معارضته للنَّصِّ العام ، لا يجوز الإعراض عن النَّصِّ الخاص بسبب مخالفته للنَّصِّ العام ، بل يجب استثناء الخاص من العام ، وهذا أمثلته كثيرة وكثيرة جدًّا ؛ ربنا - عز وجل - لما ذكر المحرَّمات من النساء في آية : (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ )) ، ثم ذكر - تبارك وتعالى - : (( وَأُمَّهَاتُكُمُ )) من الرضاع ، ثم تابع بيان المحرَّمات حتى قال : (( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ )) ، هذا نصٌّ عام يُفيد إباحة كلِّ النساء سوى المذكورات في هذا السياق القرآني ، لكننا نجد في هذا السياق أن الله - تبارك وتعالى - ذكر من المحرَّمات : (( وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ )) بس ، ما ذكر البنات والأخوات في الرضاعة ، فماذا نقول أخذًا بنصِّ : (( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ )) ؟ هل نقول بجواز تزوُّج الرجل لأخته من الرضاعة ؛ لأن الله أباح إباحة مطلقة غير هذه النساء المحرمة ؟ الجواب : لا ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( يحرُمُ من الرَّضاع ما يحرم من النَّسب ) .
إذًا هذا الحديث وسَّع معنى التحريم الذي ذُكِرَ في الآية ، وكان من نماذجه تحريم الأمَّهات من الرضاعة ؛ فإذًا والبنت والأخت من الرضاعة تحرم - أيضًا - بدلالة الحديث . كذلك تُعامل كلُّ نصوص الكتاب والسنة إذا جاء النَّصُّ عام يدل على معنى عام ، ثم جاء نصٌّ خاص يعارض هذه الدلالة العامة يُستثنى هذا النَّصُّ الخاص من ذاك النَّصِّ العام ، ومن أوضح الأدلة (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ )) هذا يشمل الحوت والجراد ؛ فهل نحرِّم الحوت والجراد لأنَّ الآية تشملهما ؟ الجواب : الرسول قال : ( أُحِلَّت لنا ميتتان ، وأُحلَّت لنا دمان ) ، فهل نحرِّم إذًا الدم مطلقًا ؟ أم نقول : نستثني الكبد والطحال ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - استثنى ذلك ؟ وهكذا من أجل مثل هذا الأمر وُضِعَ علم أصول الفقه .
الآن عندنا نصٌّ يُبيح للنساء الذهب إباحة مطلقة عامة ، فإذا حرَّم الرسول - عليه السلام - حنضرب مثل مُجمع عليه ؛ إذا حرَّم على النساء الأكل في آنية الذهب ، هل نقول هذا خاص بالرجال ؛ لأنه أباح الذهب للنساء ؟ ما أحد يقول بهذا القول ، قالوا : هذا حكم يشمل حتى النساء ، فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تأكل في آنية الذهب ، وأن تأكل بملعقة الذهب وكأس الذهب ونحو ذلك ؛ فماذا نفعل تجاه حديث : ( حلٌّ لإناثها ) ؟ نقول : هذا مستثنى من ذاك . كذلك بقية المستثنيات ، حرَّم السوار وحرَّم الطَّوق لصريح حديث فاطمة ، فنقول : هذا مستثنى من الإباحة المطلقة ، ولا نضرب الأحاديث بعضها في بعض ، فالغرض أن كلَّ مسلم ومسلمة مكلَّفة أن تسمع أدلة الطرفين ، بعد ذلك ترجع إلى قلبها ، مش مجرَّد ما سمعنا أنُّو مسألة فيها خلاف ، يلَّا استفت قلبك وإن أفتاك المفتون ، وبلا شك وخاصة هنا في بلادكم حَيكونوا القلب مائل للزينة ؛ لأنُّو - ما شاء الله ! - حسب ما أُخبِرْنا السواعد كلها مليئة بإيه ؟ بالذهب ، فأيُّ نفس هذه تكون مؤمنة قوية وقوية جدًّا إذا ما أُحيلَتْ إلى أن تستفتِيَ قلبها فتحرِّم على نفسها هذه الحلي التي عمَّت وشاعت في هذه البلاد ، يجب التبصُّر حتى نكون كما قال - تعالى - في حقِّ نبيِّه : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )) .
الشيخ : الجواب : أن هذه المسألة ليست هي أول مسألة وقع فيها خلاف بين العلماء قديمًا وحديثًا ، ولو أن هذا السؤال نبعَ أو صدرَ من هذا المجتمع العام من المسلمين الذين لم يهتدوا بكتاب الله ولا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما عاشوا على ما وجدوا عليه الآباء والأجداد ، أو عاش كلٌّ منهم على المذهب الذي تربَّى عليه ؛ فقول الله - تعالى - وقول نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - أمر غير وارد عند هذا الجمهور ، لو كان هذا السؤال صدر من أمثال هؤلاء لم يكن غريبًا ، لكن أنا أظنُّ أنني في مجتمع سلفي ، هذا المجتمع السلفي الذي تعدَّى ذلك الجهل الذي رانَ على قلوب جماهير المسلمين وهو التقليد الأعمى ، فالسلفيون هم دائمًا بغيَتُهم ما قال الله وما قال رسول الله ، فقول السائل أو السائلة : ماذا نفعل نحن ؟ احترنا ، نقول : احترتنَّ ؛ لأنكم ما فكَّرتم بأدلة المختلفين ، وإلا ما معنى قول ربِّ العالمين : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )) ، هل معنى هذه الآية وغيرها أن الله - عز وجل - كلَّف عباده ما لا يستطيعون حينما طلب منهم الرجوع عند الاختلاف والتنازع إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله ؟
فأقول - بكلِّ صراحة - : إن السائلة وغيرها هي في شكٍّ من أمرها ؛ لأنها لم تدرس الأدلة الواردة في هذا الخصوص ، وقد قدَّمت لكنَّ مثالًا ؛ إن الذين يقولون بإباحة الذهب مطلقًا لا يُعمِلون هذه الأحاديث ، بل يعطِّلونها تعطيلًا مطلقًا ، والذي يبيح الذهب من أحاديث الرسول - عليه السلام - إنما هي إباحة عامة ؛ يقولوا : ( هذان حرام على ذكور أمتي حلٌّ لإناثهم ) ... أباح الذهب للنساء إباحة عامة ، هل دخله تخصيص أم لا ؟ هنا الفقه ، وهنا ما يجب على كلِّ مسلم ومسلمة أن يقف عنده قليلًا .
من الثابت في علم الأصول أنه لا يجوز الإعراض عن الحديث الخاصِّ بسبب معارضته للنَّصِّ العام ، لا يجوز الإعراض عن النَّصِّ الخاص بسبب مخالفته للنَّصِّ العام ، بل يجب استثناء الخاص من العام ، وهذا أمثلته كثيرة وكثيرة جدًّا ؛ ربنا - عز وجل - لما ذكر المحرَّمات من النساء في آية : (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ )) ، ثم ذكر - تبارك وتعالى - : (( وَأُمَّهَاتُكُمُ )) من الرضاع ، ثم تابع بيان المحرَّمات حتى قال : (( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ )) ، هذا نصٌّ عام يُفيد إباحة كلِّ النساء سوى المذكورات في هذا السياق القرآني ، لكننا نجد في هذا السياق أن الله - تبارك وتعالى - ذكر من المحرَّمات : (( وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ )) بس ، ما ذكر البنات والأخوات في الرضاعة ، فماذا نقول أخذًا بنصِّ : (( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ )) ؟ هل نقول بجواز تزوُّج الرجل لأخته من الرضاعة ؛ لأن الله أباح إباحة مطلقة غير هذه النساء المحرمة ؟ الجواب : لا ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( يحرُمُ من الرَّضاع ما يحرم من النَّسب ) .
إذًا هذا الحديث وسَّع معنى التحريم الذي ذُكِرَ في الآية ، وكان من نماذجه تحريم الأمَّهات من الرضاعة ؛ فإذًا والبنت والأخت من الرضاعة تحرم - أيضًا - بدلالة الحديث . كذلك تُعامل كلُّ نصوص الكتاب والسنة إذا جاء النَّصُّ عام يدل على معنى عام ، ثم جاء نصٌّ خاص يعارض هذه الدلالة العامة يُستثنى هذا النَّصُّ الخاص من ذاك النَّصِّ العام ، ومن أوضح الأدلة (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ )) هذا يشمل الحوت والجراد ؛ فهل نحرِّم الحوت والجراد لأنَّ الآية تشملهما ؟ الجواب : الرسول قال : ( أُحِلَّت لنا ميتتان ، وأُحلَّت لنا دمان ) ، فهل نحرِّم إذًا الدم مطلقًا ؟ أم نقول : نستثني الكبد والطحال ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - استثنى ذلك ؟ وهكذا من أجل مثل هذا الأمر وُضِعَ علم أصول الفقه .
الآن عندنا نصٌّ يُبيح للنساء الذهب إباحة مطلقة عامة ، فإذا حرَّم الرسول - عليه السلام - حنضرب مثل مُجمع عليه ؛ إذا حرَّم على النساء الأكل في آنية الذهب ، هل نقول هذا خاص بالرجال ؛ لأنه أباح الذهب للنساء ؟ ما أحد يقول بهذا القول ، قالوا : هذا حكم يشمل حتى النساء ، فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تأكل في آنية الذهب ، وأن تأكل بملعقة الذهب وكأس الذهب ونحو ذلك ؛ فماذا نفعل تجاه حديث : ( حلٌّ لإناثها ) ؟ نقول : هذا مستثنى من ذاك . كذلك بقية المستثنيات ، حرَّم السوار وحرَّم الطَّوق لصريح حديث فاطمة ، فنقول : هذا مستثنى من الإباحة المطلقة ، ولا نضرب الأحاديث بعضها في بعض ، فالغرض أن كلَّ مسلم ومسلمة مكلَّفة أن تسمع أدلة الطرفين ، بعد ذلك ترجع إلى قلبها ، مش مجرَّد ما سمعنا أنُّو مسألة فيها خلاف ، يلَّا استفت قلبك وإن أفتاك المفتون ، وبلا شك وخاصة هنا في بلادكم حَيكونوا القلب مائل للزينة ؛ لأنُّو - ما شاء الله ! - حسب ما أُخبِرْنا السواعد كلها مليئة بإيه ؟ بالذهب ، فأيُّ نفس هذه تكون مؤمنة قوية وقوية جدًّا إذا ما أُحيلَتْ إلى أن تستفتِيَ قلبها فتحرِّم على نفسها هذه الحلي التي عمَّت وشاعت في هذه البلاد ، يجب التبصُّر حتى نكون كما قال - تعالى - في حقِّ نبيِّه : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )) .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 10
- توقيت الفهرسة : 00:27:32
- نسخة مدققة إملائيًّا