هل من الورع ترك المشروبات الغازية التي فيها نسبة من الكحول ؟
A-
A=
A+
الشيخ : هل من الورع ترك المشروبات الغازية ؟
السائل : كالبيبسي لأنه يقولون : إنه يُضاف إليها نسبة ضئيلة من الكحول .
الشيخ : أيوا .
السائل : فتُفتَّت هذه النسبة الضَّئيلة ، فتُخلط في المواد الغازية ؟
الشيخ : هذا إذا صحَّ - ولست بطبيعة الحال كيمياويًّا - ، فأقول : هنا شيئان :
هذه المشروبات على افتراض أنهم يصبُّون فيها شيئًا من الكحول ، والكحول - بلا شك - خمر ، بل هي أمُّ الخمر ؛ لأن الخمر عادةً تكون مركَّبة من المادة المُسكرة ، ومن ماء ، ومن بعض مادة السُّكَّر الحلو ، فإذا كانت الكحول هي المادة المُسكرة في كلِّ الخمور ، وكان الخمر شرعًا أم الخبائث ، فالكحول تكون أمَّ أمِّ الخبائث ؛ لأنها هي أصل الخمر ؛ بحيث أن هذه المادة المسكرة إذا شيلت أو رُفِعت من الخمر يعود الخمر إلى شراب مُباح ، ومن ذلك نعلم أن الخمر إذا تخلَّلت حلَّت ، وما تخلُّلها إلا أن تذهبَ المادة المسكرة من هذه المادة السائلة .
فأيُّ شرابٍ حينذاك يُصنَّع ويُلقى فيه شيء من مادة الكحول - وهي أم الخمور كما ذكرنا - ؛ فحينذاك يقع المُصنِّع لهذه المشروبات في مُخالفة شرعية صريحة ؛ ألا وهي اقتناء الخمر ، بل اقتناء أمِّ الخمر وهي الكحول ، وعلى ذلك إن صحَّ ما سمعتم آنفًا أن هذه المشروبات فيها شيء من الكحول فلا يجوز صنعُها .
يأتي دور هل يجوز شُربها ؟ وهذا هو بيت القصيد كما يُقال ؛ فأقول : ليس مجرَّد مخالطة مادة محرمة لمادة حلال تصير هذه المادة الحلال حرامًا ، وإنما ينبغي النظر في هذه المادة ؛ هل غَلَب عليها الحرام أم غَلَب عليها الحلال ؟ وهذه المسألة واضحة من بحث المياه في كتب الفقه ، وفي كتب الحديث على الخلاف المعروف بين الفقهاء ؛ فيما إذا سقطت نجاسة في ماء ؛ فهل تنجَّس هذا الماء ؟ وهل يجوز شربه والتوضُّؤ به أم لا ؟ الخلاف في ذلك طويل الذَّيل ، لكن القول الصحيح هو ما اقتضاه قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( الماء طهور لا ينجِّسه شيء ) ؛ أي : كما أجمع علماء المسلمين ؛ ما لم يتغيَّر طعمه أو لونه أو ريحه .
وعلى هذا فأيُّ ماء وقعت فيه نجاسة ؛ سواء كانت هذه النجاسة بولًا أو غائطًا أو دمًا مسفوحًا أو أي شيء ؛ فإذا تغيَّر أحد أوصاف الماء الثلاثة بسبب هذه النجاسة الطارئة فقد خرج الماء عن كونه ماءً طهورًا ، فلا يجوز حينَذاك شربه إلا إذا دخل في دائرة الطَّاهر دون المُطهِّر ، وهذا - أيضًا - له تفصيل آخر ، المهم أنه لا يلزم من وقوع النجاسة في مادَّة سائلة أن تصبح هذه المادة السائلة نجسة محرَّمة .
وعلى ذلك فإذا كان هناك ماء طاهر مُطهِّر ، ووقعت فيه قليل أو كثير من الخمر ، والخمر مُحرَّمة بنصِّ الكتاب والسنة وإجماع الأمة على خلاف في بعض الخمور شكليٌّ لا يضرُّ الآن في موضوعنا ، فإذا وقعت الخمرة في الماء ؛ هل صار هذا الماء مُحرَّمًا شربه ؟ ولا أقول : هل صار نجسًا ؟ لأن أصحَّ قولي العلماء أن كون الشيء مُحرَّما لا يستلزم أن يكون نجسًا ، وعلى العكس من ذلك ؛ كلُّ نجِس مُحرَّم وليس كل مُحرَّم نجسًا ، فالخمر محرَّمة ولا شك ولا ريب كالفضة والذهب ، فمن كان في جيبه شيء من هذه المحرَّمات بطريقة أو بأخرى فلا يعني ذلك أنه إذا صلى - والحالة هذه - أن صلاته باطلة ؛ لأنه لم يحمل النجاسة ؛ لأن المُحرَّم لا يستلزم أن يكون نجسًا فالخمر مُحرَّم ، ولكنه ليس نجسًا .
فإذا وقع شيء من الخمر - بل كما قلنا آنفًا بالنسبة للكحول ، وهو أم الخمر - ؛ فلا يلزم من ذلك أن يكون هذا السائل قد تنجَّس ، وإنما قد يصير مُحرَّمًا إذا صار خمرًا ؛ أي : إذا غلب الخمر أو الكحول على السائل فجعله خمرًا ؛ حينذاك لا يجوز شربه ؛ فهذه المشروبات التي جاء السؤال عنها - كالبيبسي ونحوها - إن كان فيها شيء من الكحول فلا يجعله مُسْكرًا ، وبالتالي لا يجعله نجسًا ، فيجوز شربه ، ولكن لا يجوز صُنعه .
أرجو الانتباه لهذه الخلاصة ، لا يجوز شربه إن كان فيه شيء من المادة التي حوَّلت الشراب إلى خمر ولكن لا يجوز صنعه بسبب صبِّ المحرَّم فيه ، لكن يجوز شربه إن لم يتحوَّل إلى خمر ، هذه الخلاصة يجب أن نُفرِّق بينها وبين ما يقابلها .
أعيد فأستدرك أن الرجل لو صلى وفي جيبه ذهب ، أو لابسًا ثوب الحرير ، فهو مرتكب مُحرَّم ، لكن هذا الثوب الحرير ليس نجسًا ، والذهب - أيضًا - ليس نجسًا ، أما الفضة ففي تحريمها خلاف ، فمن صلَّى وهو حامل للذهب أو حامل للحرير أو حامل لقارورة فيها خمر مثلًا ؛ فصلاته صحيحة ؛ لأنه ليس حاملًا للنجاسة ، فهذه أشياء محرَّمة وليست بنجسة ، نعم .
السائل : كالبيبسي لأنه يقولون : إنه يُضاف إليها نسبة ضئيلة من الكحول .
الشيخ : أيوا .
السائل : فتُفتَّت هذه النسبة الضَّئيلة ، فتُخلط في المواد الغازية ؟
الشيخ : هذا إذا صحَّ - ولست بطبيعة الحال كيمياويًّا - ، فأقول : هنا شيئان :
هذه المشروبات على افتراض أنهم يصبُّون فيها شيئًا من الكحول ، والكحول - بلا شك - خمر ، بل هي أمُّ الخمر ؛ لأن الخمر عادةً تكون مركَّبة من المادة المُسكرة ، ومن ماء ، ومن بعض مادة السُّكَّر الحلو ، فإذا كانت الكحول هي المادة المُسكرة في كلِّ الخمور ، وكان الخمر شرعًا أم الخبائث ، فالكحول تكون أمَّ أمِّ الخبائث ؛ لأنها هي أصل الخمر ؛ بحيث أن هذه المادة المسكرة إذا شيلت أو رُفِعت من الخمر يعود الخمر إلى شراب مُباح ، ومن ذلك نعلم أن الخمر إذا تخلَّلت حلَّت ، وما تخلُّلها إلا أن تذهبَ المادة المسكرة من هذه المادة السائلة .
فأيُّ شرابٍ حينذاك يُصنَّع ويُلقى فيه شيء من مادة الكحول - وهي أم الخمور كما ذكرنا - ؛ فحينذاك يقع المُصنِّع لهذه المشروبات في مُخالفة شرعية صريحة ؛ ألا وهي اقتناء الخمر ، بل اقتناء أمِّ الخمر وهي الكحول ، وعلى ذلك إن صحَّ ما سمعتم آنفًا أن هذه المشروبات فيها شيء من الكحول فلا يجوز صنعُها .
يأتي دور هل يجوز شُربها ؟ وهذا هو بيت القصيد كما يُقال ؛ فأقول : ليس مجرَّد مخالطة مادة محرمة لمادة حلال تصير هذه المادة الحلال حرامًا ، وإنما ينبغي النظر في هذه المادة ؛ هل غَلَب عليها الحرام أم غَلَب عليها الحلال ؟ وهذه المسألة واضحة من بحث المياه في كتب الفقه ، وفي كتب الحديث على الخلاف المعروف بين الفقهاء ؛ فيما إذا سقطت نجاسة في ماء ؛ فهل تنجَّس هذا الماء ؟ وهل يجوز شربه والتوضُّؤ به أم لا ؟ الخلاف في ذلك طويل الذَّيل ، لكن القول الصحيح هو ما اقتضاه قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( الماء طهور لا ينجِّسه شيء ) ؛ أي : كما أجمع علماء المسلمين ؛ ما لم يتغيَّر طعمه أو لونه أو ريحه .
وعلى هذا فأيُّ ماء وقعت فيه نجاسة ؛ سواء كانت هذه النجاسة بولًا أو غائطًا أو دمًا مسفوحًا أو أي شيء ؛ فإذا تغيَّر أحد أوصاف الماء الثلاثة بسبب هذه النجاسة الطارئة فقد خرج الماء عن كونه ماءً طهورًا ، فلا يجوز حينَذاك شربه إلا إذا دخل في دائرة الطَّاهر دون المُطهِّر ، وهذا - أيضًا - له تفصيل آخر ، المهم أنه لا يلزم من وقوع النجاسة في مادَّة سائلة أن تصبح هذه المادة السائلة نجسة محرَّمة .
وعلى ذلك فإذا كان هناك ماء طاهر مُطهِّر ، ووقعت فيه قليل أو كثير من الخمر ، والخمر مُحرَّمة بنصِّ الكتاب والسنة وإجماع الأمة على خلاف في بعض الخمور شكليٌّ لا يضرُّ الآن في موضوعنا ، فإذا وقعت الخمرة في الماء ؛ هل صار هذا الماء مُحرَّمًا شربه ؟ ولا أقول : هل صار نجسًا ؟ لأن أصحَّ قولي العلماء أن كون الشيء مُحرَّما لا يستلزم أن يكون نجسًا ، وعلى العكس من ذلك ؛ كلُّ نجِس مُحرَّم وليس كل مُحرَّم نجسًا ، فالخمر محرَّمة ولا شك ولا ريب كالفضة والذهب ، فمن كان في جيبه شيء من هذه المحرَّمات بطريقة أو بأخرى فلا يعني ذلك أنه إذا صلى - والحالة هذه - أن صلاته باطلة ؛ لأنه لم يحمل النجاسة ؛ لأن المُحرَّم لا يستلزم أن يكون نجسًا فالخمر مُحرَّم ، ولكنه ليس نجسًا .
فإذا وقع شيء من الخمر - بل كما قلنا آنفًا بالنسبة للكحول ، وهو أم الخمر - ؛ فلا يلزم من ذلك أن يكون هذا السائل قد تنجَّس ، وإنما قد يصير مُحرَّمًا إذا صار خمرًا ؛ أي : إذا غلب الخمر أو الكحول على السائل فجعله خمرًا ؛ حينذاك لا يجوز شربه ؛ فهذه المشروبات التي جاء السؤال عنها - كالبيبسي ونحوها - إن كان فيها شيء من الكحول فلا يجعله مُسْكرًا ، وبالتالي لا يجعله نجسًا ، فيجوز شربه ، ولكن لا يجوز صُنعه .
أرجو الانتباه لهذه الخلاصة ، لا يجوز شربه إن كان فيه شيء من المادة التي حوَّلت الشراب إلى خمر ولكن لا يجوز صنعه بسبب صبِّ المحرَّم فيه ، لكن يجوز شربه إن لم يتحوَّل إلى خمر ، هذه الخلاصة يجب أن نُفرِّق بينها وبين ما يقابلها .
أعيد فأستدرك أن الرجل لو صلى وفي جيبه ذهب ، أو لابسًا ثوب الحرير ، فهو مرتكب مُحرَّم ، لكن هذا الثوب الحرير ليس نجسًا ، والذهب - أيضًا - ليس نجسًا ، أما الفضة ففي تحريمها خلاف ، فمن صلَّى وهو حامل للذهب أو حامل للحرير أو حامل لقارورة فيها خمر مثلًا ؛ فصلاته صحيحة ؛ لأنه ليس حاملًا للنجاسة ، فهذه أشياء محرَّمة وليست بنجسة ، نعم .