حديث أنّ لحم البقر داء وقوله - تعالى - : (( فقلنا اضربوه ببعضها )) ، وكيفية التعامل مع النصوص التي ظاهرها التعارض ؟
A-
A=
A+
السائل : أولًا أشهد أني أحبُّك في الله .
الشيخ : أحبَّك الله الذي أحبَبْتني له .
السائل : سؤال أني قرأت في أحد رجال الفكر الإسلامي .
الشيخ : قرأت في .
السائل : في كتاب أحد رجال الفكر الإسلامي .
الشيخ : رجال الفكر .
السائل : نقل إنما ذكر حديث - وصحَّحته أنت - : ( لحم البقر داء ) ، فقال : كله ... للقرآن ريثما يسمع هذا الحديث يعلم أنه لا قيمة له هذا الحديث .
الشيخ : ما شاء الله !
السائل : لأنه معارض للقرآن ، والله - سبحانه وتعالى - ذكر وامتنَّ على المسلمين بذكر لحم البقر في القرآن : فلماذا إذا كان عند بعض رجال الحديث قصور في الفهم ؛ لماذا يخالف النص الْـ ؟ والعلل البعض يعلِّلون للحديث قصور في تدبُّر القرآن وفقه أحكامه ، تجد الغرور مع هذا القصور ، ولماذا يتَّكئون على غيرهم من رجال ... الإسلامية أن يكتشفوا علَّة هنا أو أسلوبًا هناك ؟ هذا منطق ... ، ما حكم من أنكر حديث صحيحًا في هذا وذكر أنه يعارض القرآن الكريم ؟
الشيخ : لا شك أن الذي يضرب حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هو صحيح عند أهل المعرفة بالحديث يضرب ذاك الحديث بفهمه للقرآن ، ولا أقول بالقرآن ؛ لأن الحديث لا يُعارض القرآن ، وإنما يعارض فهمَ بعض الناس لبعض الآيات القرآنية ، فمن القواعد العلميَّة الأصوليَّة الحديثيَّة الفقهيَّة أنه إذا جاء نصَّان متعارضان في الظاهر وجب التوفيق بينهما بطريقٍ من طرق التوفيق الكثيرة ، والتي أوصلها بعض العلماء - وبخاصَّة منهم الحافظ العراقي - إلى أكثر من مئة وجه ، كلُّ وجه من هذه الوجوه يُمكن أن يعتمد عليه الفقيه العالم للتوفيق بين نصَّين متعارضين ؛ سواء كان أحدهما قرآنًا أو حديثًا ، أو كان كلاهما حديثًا نبويًّا لكن أحدهما صحيح متواتر مثلًا والآخر دون ذلك في الصحة ؛ حتى لو كان في مرتبة الحسن ؛ حتى في هذه الصورة الأخيرة حديثين متعارضين أحدهما أقوى ما يكون صحة ، والآخر أدنى ما يكون صحة وهو الحسن ؛ فينبغي التوفيق بينهما بوجهٍ من تلك الوجوه الكثيرة ، هكذا قالوا ، ونِعْمَ ما قالوا .
ثم تابعوا القول فقالوا : إذا لم يُمكن التوفيق بين النَّصَّين المتعارضين بوجهٍ من وجوه التوفيق الكثيرة ؛ حينئذٍ صِيرَ إلى اعتبار الناسخ من المنسوخ منهما ، فإن لم يُعرف المتقدِّم من المتأخِّر صير إلى المرتبة الثالثة ؛ وهي تقديم الراجح ثبوتًا ، ففي المثال السابق إذا كان عندنا آية وعندنا حديث ، ولم يمكن التوفيق بوجهٍ من تلك الوجوه الكثيرة ، ولا أمكن اعتبار الناسخ من المنسوخ منهما ؛ حينئذٍ بلا شك يُؤخذ بالقرآن لأنه أصح من الحديث مهما كانت مرتبته ، هذه المراتب الثالثة .
تأتي المرتبة الرابعة - والأخيرة - : فإن لم يمكن الترجيح بين النَّصَّين ؛ كأن يكونا حديثين - مثلًا - بنسبة واحدة من الصحة ؛ حينئذٍ وُكِلَ الأمر إلى عالمه ؛ أي : يُقال : الله أعلم ؛ خلافًا لقول بعضهم : " تعارضا فتساقطا " ، هذا قد قاله بعض المتأخرين ، ولكنه منكرٌ من القول ؛ لأن الله - عز وجل - يقول في صريح القرآن : (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا )) ، هذا مخاطب كل فرد من أفراد المسلمين ، فإذا أنا ما عرفت التوفيق بين نصَّيه ، ولا عرفت الناسخ من المنسوخ منهما ، ولا استطعت أن أُراجح بينهما فاستويا عندي في الصحة ؛ لا أقول تعارضا فتساقطا ، وإنما أقول : الله أعلم .
هذا الإنسان الذي يقول هذا الكلام لم يشمَّ رائحة العلم ، ولا فكَّر في هذا الذي ذكره العلماء ؛ كيف يجب أن يكون موقف المسلم فيما إذا بدا له نصَّان متعارضان ، ولو أحدهما قرآنًا كما ذكر هذا الإنسان ، والآخر حديثًا نبويًّا ، فأنا أزيد على ما ذكر هو من القرآن أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد ضحَّى بالبقر في حجَّة الوداع عن نسائه ، وهذا الحديث في " صحيح مسلم " ، ضحَّى عن نسائه بالبقر ؛ فحينئذٍ لا يخفى على المُشتغل بعلم الحديث والذي يصحِّح حديثًا لو لم يكن هناك آية في القرآن ذكر الأنعام وذكر البقر ونحو ذلك من بقية الأنعام الأخرى ؛ فهو لو لم يكن هناك آية فعنده حديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ضحَّى عن نسائه في حجة الوداع ؛ فكيف يُضحِّي ولحومها داء ؟ لا يخفى هذا على علماء الحديث بتاتًا ، ولكنهم لا يتسرَّعون بإبطال أحاديث الرسول - عليه السلام - الصحيحة ، بل يحاولون التوفيق بين هذه النصوص التي يبدو بينها التعارض ، فقد فعلوا ، وبذلك يسقط كلام هذا المتهجِّم على علماء الحديث والمدَّعي الفقه لنفسه ، وهو أبعد ما يكون عن الفقه والمعرفة بأصوله ، فقد قالوا أنُّو لما الرسول - عليه السلام - قال : ( لحومها داء ) ؛ يعني الإكثار منها ، وهنا يظهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَرِدْ عنه في طيلة حياته أنه ضحَّى أو هدى بقرًا إلا في حجة الوداع ، فهنا نلاحظ أن نساء الرسول - عليه السلام - ما أكلوا لحم البقر كثيرًا ، فهذا مما أشعَرَ بعض العلماء الحديث حينما وقفوا عند الحديث الذي صرَّح بأنه داء فجمعوا بين هذا وبين ذاك ؛ فقالوا : إذًا الإكثار من لحم البقر هو داء ، وهذا في الحقيقة ، ولسنا بحاجة إلى أن ندعمَ السنة بالعلم التجربي الذي يقولون اليوم ، لكن من باب بيان صدق قوله - تعالى - في القرآن : (( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيَّن لهم الحق )) ؛ فقد ذكروا الآن علميًّا أنُّو - أيضًا - لحم البقر فيه نوع من الديدان التي لا يقتلها إلا حرارة معيَّنة . نعم ؟
السائل : ... .
الشيخ : كيف ؟
السائل : ... .
الشيخ : بس بدرجة حرارة معيَّنة ؛ هذا قصدي ، فلذلك يبقى الحديث الذي حاولوا ضربَه بسوء فهمهم للآية بيقى معجزةً من معجزات الرسول العلمية ، فبالمعنى الذي شرحناه آنفًا توفيقًا بينه وبين تضحية الرسول عن نسائه بلحم البقر ، فهذا هو الجواب عن ذاك الحديث .
تفضل .
الشيخ : أحبَّك الله الذي أحبَبْتني له .
السائل : سؤال أني قرأت في أحد رجال الفكر الإسلامي .
الشيخ : قرأت في .
السائل : في كتاب أحد رجال الفكر الإسلامي .
الشيخ : رجال الفكر .
السائل : نقل إنما ذكر حديث - وصحَّحته أنت - : ( لحم البقر داء ) ، فقال : كله ... للقرآن ريثما يسمع هذا الحديث يعلم أنه لا قيمة له هذا الحديث .
الشيخ : ما شاء الله !
السائل : لأنه معارض للقرآن ، والله - سبحانه وتعالى - ذكر وامتنَّ على المسلمين بذكر لحم البقر في القرآن : فلماذا إذا كان عند بعض رجال الحديث قصور في الفهم ؛ لماذا يخالف النص الْـ ؟ والعلل البعض يعلِّلون للحديث قصور في تدبُّر القرآن وفقه أحكامه ، تجد الغرور مع هذا القصور ، ولماذا يتَّكئون على غيرهم من رجال ... الإسلامية أن يكتشفوا علَّة هنا أو أسلوبًا هناك ؟ هذا منطق ... ، ما حكم من أنكر حديث صحيحًا في هذا وذكر أنه يعارض القرآن الكريم ؟
الشيخ : لا شك أن الذي يضرب حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هو صحيح عند أهل المعرفة بالحديث يضرب ذاك الحديث بفهمه للقرآن ، ولا أقول بالقرآن ؛ لأن الحديث لا يُعارض القرآن ، وإنما يعارض فهمَ بعض الناس لبعض الآيات القرآنية ، فمن القواعد العلميَّة الأصوليَّة الحديثيَّة الفقهيَّة أنه إذا جاء نصَّان متعارضان في الظاهر وجب التوفيق بينهما بطريقٍ من طرق التوفيق الكثيرة ، والتي أوصلها بعض العلماء - وبخاصَّة منهم الحافظ العراقي - إلى أكثر من مئة وجه ، كلُّ وجه من هذه الوجوه يُمكن أن يعتمد عليه الفقيه العالم للتوفيق بين نصَّين متعارضين ؛ سواء كان أحدهما قرآنًا أو حديثًا ، أو كان كلاهما حديثًا نبويًّا لكن أحدهما صحيح متواتر مثلًا والآخر دون ذلك في الصحة ؛ حتى لو كان في مرتبة الحسن ؛ حتى في هذه الصورة الأخيرة حديثين متعارضين أحدهما أقوى ما يكون صحة ، والآخر أدنى ما يكون صحة وهو الحسن ؛ فينبغي التوفيق بينهما بوجهٍ من تلك الوجوه الكثيرة ، هكذا قالوا ، ونِعْمَ ما قالوا .
ثم تابعوا القول فقالوا : إذا لم يُمكن التوفيق بين النَّصَّين المتعارضين بوجهٍ من وجوه التوفيق الكثيرة ؛ حينئذٍ صِيرَ إلى اعتبار الناسخ من المنسوخ منهما ، فإن لم يُعرف المتقدِّم من المتأخِّر صير إلى المرتبة الثالثة ؛ وهي تقديم الراجح ثبوتًا ، ففي المثال السابق إذا كان عندنا آية وعندنا حديث ، ولم يمكن التوفيق بوجهٍ من تلك الوجوه الكثيرة ، ولا أمكن اعتبار الناسخ من المنسوخ منهما ؛ حينئذٍ بلا شك يُؤخذ بالقرآن لأنه أصح من الحديث مهما كانت مرتبته ، هذه المراتب الثالثة .
تأتي المرتبة الرابعة - والأخيرة - : فإن لم يمكن الترجيح بين النَّصَّين ؛ كأن يكونا حديثين - مثلًا - بنسبة واحدة من الصحة ؛ حينئذٍ وُكِلَ الأمر إلى عالمه ؛ أي : يُقال : الله أعلم ؛ خلافًا لقول بعضهم : " تعارضا فتساقطا " ، هذا قد قاله بعض المتأخرين ، ولكنه منكرٌ من القول ؛ لأن الله - عز وجل - يقول في صريح القرآن : (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا )) ، هذا مخاطب كل فرد من أفراد المسلمين ، فإذا أنا ما عرفت التوفيق بين نصَّيه ، ولا عرفت الناسخ من المنسوخ منهما ، ولا استطعت أن أُراجح بينهما فاستويا عندي في الصحة ؛ لا أقول تعارضا فتساقطا ، وإنما أقول : الله أعلم .
هذا الإنسان الذي يقول هذا الكلام لم يشمَّ رائحة العلم ، ولا فكَّر في هذا الذي ذكره العلماء ؛ كيف يجب أن يكون موقف المسلم فيما إذا بدا له نصَّان متعارضان ، ولو أحدهما قرآنًا كما ذكر هذا الإنسان ، والآخر حديثًا نبويًّا ، فأنا أزيد على ما ذكر هو من القرآن أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد ضحَّى بالبقر في حجَّة الوداع عن نسائه ، وهذا الحديث في " صحيح مسلم " ، ضحَّى عن نسائه بالبقر ؛ فحينئذٍ لا يخفى على المُشتغل بعلم الحديث والذي يصحِّح حديثًا لو لم يكن هناك آية في القرآن ذكر الأنعام وذكر البقر ونحو ذلك من بقية الأنعام الأخرى ؛ فهو لو لم يكن هناك آية فعنده حديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ضحَّى عن نسائه في حجة الوداع ؛ فكيف يُضحِّي ولحومها داء ؟ لا يخفى هذا على علماء الحديث بتاتًا ، ولكنهم لا يتسرَّعون بإبطال أحاديث الرسول - عليه السلام - الصحيحة ، بل يحاولون التوفيق بين هذه النصوص التي يبدو بينها التعارض ، فقد فعلوا ، وبذلك يسقط كلام هذا المتهجِّم على علماء الحديث والمدَّعي الفقه لنفسه ، وهو أبعد ما يكون عن الفقه والمعرفة بأصوله ، فقد قالوا أنُّو لما الرسول - عليه السلام - قال : ( لحومها داء ) ؛ يعني الإكثار منها ، وهنا يظهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَرِدْ عنه في طيلة حياته أنه ضحَّى أو هدى بقرًا إلا في حجة الوداع ، فهنا نلاحظ أن نساء الرسول - عليه السلام - ما أكلوا لحم البقر كثيرًا ، فهذا مما أشعَرَ بعض العلماء الحديث حينما وقفوا عند الحديث الذي صرَّح بأنه داء فجمعوا بين هذا وبين ذاك ؛ فقالوا : إذًا الإكثار من لحم البقر هو داء ، وهذا في الحقيقة ، ولسنا بحاجة إلى أن ندعمَ السنة بالعلم التجربي الذي يقولون اليوم ، لكن من باب بيان صدق قوله - تعالى - في القرآن : (( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيَّن لهم الحق )) ؛ فقد ذكروا الآن علميًّا أنُّو - أيضًا - لحم البقر فيه نوع من الديدان التي لا يقتلها إلا حرارة معيَّنة . نعم ؟
السائل : ... .
الشيخ : كيف ؟
السائل : ... .
الشيخ : بس بدرجة حرارة معيَّنة ؛ هذا قصدي ، فلذلك يبقى الحديث الذي حاولوا ضربَه بسوء فهمهم للآية بيقى معجزةً من معجزات الرسول العلمية ، فبالمعنى الذي شرحناه آنفًا توفيقًا بينه وبين تضحية الرسول عن نسائه بلحم البقر ، فهذا هو الجواب عن ذاك الحديث .
تفضل .