معنى الحجاب والنِّقاب ؟
A-
A=
A+
السائل : يا شيخ .
الشيخ : تفضَّل .
السائل : الفرق بين النقاب والحجاب مع العلم بالفئة أنه أن النقاب هو الحجاب .
الشيخ : مع العلم إيه ؟
السائل : النقاب والحجاب ، يعني هكذا قرأت وجدت فرق بين الاثنين ، يعني النقاب يختلف عن الحجاب .
الشيخ : من الذي لا يفرِّق بين الاثنين ؟
السائل : غالبًا بقى غالبية الناس يقولوا إنه ده حجاب ، يعني أنه المنقبة زي المحجبة خالص .
الشيخ : هذا حجاب الوجه .
السائل : نعم .
الشيخ : النقاب حجاب الوجه ، أما الحجاب إذا أُطلق فيشمل البدن كلَّه إلا الوجه والكفين ، على الخلاف المعروف فيهما ، فما الذي وجدت أنت ؟
السائل : على أساس أنه البعض من الناس .
الشيخ : لا أنت أجب عن سؤالي ؛ ما الذي وجدت أنتَ ؟ ما لك ولبعض الناس ؟
السائل : قول بعض الناس أنُّو الحجاب .
الشيخ : ما لك ولبعض الناس - بارك الله فيك - ؛ أسألك ؛ مالذي وجدت أنت ؟ ما هو الفرق بين الحجاب وبين النقاب فيما وجدت أنت ؟
السائل : أنا بَجِد أن النقاب يعني تبقى العينان مكشوفتان .
الشيخ : طيب .
السائل : ... سعادتك ، والحجاب فهو الحجاب تبقى العينان والوجه وكله ؛ فأصبح هنا في حاجة ظاهرة .
الشيخ : طيب ، فيه حاجة ظاهرة تعني العينين ؟
السائل : العينين .
الشيخ : نعم .
السائل : ولكن الشائع بين الناس هذا كلُّه حجاب ، يعتبروه كله حجاب ، يعني مفيش تفرقة ده منقبة وده محجبة لا دي بيقولوا حجاب ، وكما نعلم أن الحجاب هو الساتر بين حاجتين ... لعدم الرؤية .
الشيخ : الآن لنستوضح الذي تقوله ، عندنا امرأتان إحداهما متحجِّبة ، والأخرى متنقِّبة ، تركنا المتنقبة جانبا ؛ لأنَّنا عرفنا النقاب ؛ هو ما يُشدُّ تحت العينين ، الأولى ما الذي فعلته ؟ أي المتحجبة ؟
السائل : غطت الوجه واليدين .
الشيخ : ما الذي فعلته ؟
السائل : لأ ، غطَّت كله .
الشيخ : كله ؟ لا يمكن ، انتبه ، انتبه مما تقول ؛ وإلا ستقع - في تعبير سوري - في " طابوسة " ، أو في إيش ؟ لما السيارة تمشي .
سائل آخر : في مطب .
الشيخ : إيوا ، في مطب ، بتقولو أنتو في وهدة ، نعم .
السائل : أنا بأقول يا مولانا إيه ؟ على أساس إنه هنا المتبع أو المُشاع ... .
الشيخ : خلي الكلام بيني وبينك .
السائل : المحجبة وليست المكشوفة .
الشيخ : خلي خلي .
السائل : المحجبة وليس المكشوفة الوجه واليدين ، لكن المحجبة هي المحجبة خالص .
الشيخ : خلي خلي الكلام معي ، وكن كريمًا ، خذ وأعط ، طيب ، المحجبة لا يمكن أن تكون محجَّبة بالحجاب في جميع بدنها ، وأنت معنى كلامك أنه تكون محجَّبة في جميع بدنها ، نحن مثَّلنا لك امرأتين ؛ متنقبة تركناها جانبًا ، ومتحجِّبة كما تريد أنت ، كيف تتصوَّر هذه المتحجِّبة لا يبدو منها شيء إطلاقًا وهي تمشي في طريقها ؟ أنبِئْني بعلم ؟
السائل : على علمي أنا ؟
الشيخ : ولَّا على علمي أنا ؟! على علمك أنت ! ( الجميع يضحك ! ) .
السائل : إيه بتحط حاجة .
الشيخ : لا هذا ليس حجابًا ، هذه الحاجة صار إضافة مثل تلك الحاجة ، هنا نقاب وهناك منديل ، وبحثك في الحجاب ، أفهمت ؟ ... أيما امرأة مسلمة ملتزمة هي محتجبة ولا بد بالحجاب ، لكن واحدة تزيد على الأخرى ، إما أن تزيد عليها بالنقاب وهي المرأة الثانية التي تركنا الحديث عنها جانبًا ، وإما أن تزيدَ على المنتقبة منديلًا ؛ بحيث يغطِّي حتى عينيها عن رؤية الرجال لهما ، لكن كلٌّ من هذا المنديل وذاك النقاب ليس من مفهوم الحجاب ، فربُّنا حين قال : (( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ )) ، قال : (( يدنين عليهن من جلابيبهنَّ )) ، ما قال يدنين عليهن من جلابيبهن ويتنقَّبن ، أو - إذا صحَّ التعبير - ويتمندلن ، ما قال شيئًا من هذا ولا هذا ، وإنما قال : (( يدنين عليهن من جلابيبهنَّ )) ، والآن أنت كرجل مُكلَّف ولا بد عندك زوجة ، وربما عندك أخت ، أو عندك بنت ، أو عندك جارة تنصحها ، إلى آخره ، كيف تتصور هذه التي يجب عليها أن تضع الجلباب على بدنها ائتمارًا لهذه الآية الكريمة ؟ كيف تفعل ؟ الآن باستطاعتك إن شئت أن تستعير العمامة من رأس أحد إخواننا وتفترض أنه حجاب طويل ساتر للبدن ؛ أرنا كيف تمشي في الطريق ؟
السائل : لا يمكن ذلك .
الشيخ : لا يمكن ، يعجبني جوابك الصريح ؛ لأنه دليل أنك لا تثبِّت نفسك في مكانك وكأنك مصبوب بـ " الباطون " لا تتحرَّك ، إنما تنشد الحقَّ ، كويس ، والأمر - كما تقول - لا يمكن ذلك ، وهل تتصور في نهاية المطاف أن ربَّنا يأمر أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا بشيء لا يمكن ؟ إذًا ما هو الذي يمكن ؟
السائل : الذي يمكن .
الشيخ : لا تتحرَّج ؛ إن كنت تعلم وعندك جواب فهاتِه ، وإلا قد تسمع الجواب من غيرك .
السائل : نسمع الجواب من غيري .
الشيخ : نعم ؟
السائل : نسمع الجواب من غيري .
الشيخ : لا ، أنا أريد أن أقول إذا كان عندك فَقُله ؛ لأنك في الواقع أنت الذي أثرتَ المسألة مش أنا .
السائل : أنا هأقول لحضرتك هناك أمرين .
الشيخ : نعم .
السائل : الأمر الأول اللي هو ... حكاية المنديل يعني حاجة .
الشيخ : معليش ، أنا ما أريد أن تكرِّر عليَّ كلامي ، المهم أننا وصلنا في النهاية إلى أن الحجاب ليس يعني تغطية وجه المرأة كل التغطية ، وإلا عمَّينا عليها طريقها ؛ إذًا لا بد من أن تكشف شيئًا .
السائل : هو النقاب أفضل لها .
الشيخ : لا ليس البحث هذا - الله يهدينا وإياك - ، قل : آمين ، أنا أُعجبت آنفًا بجوابك الصريح ، أما الآن لست معجبًا بجوابك الملتوي ، فأنا أقول : ما دام تبيَّن لنا أن الجلباب لا يغطِّي الوجه ، وإنما المنديل أو النقاب ، وإذ الأمر كذلك فالوهم الذي كان قائمًا في ذهنك طاح وراح بعيدًا ؛ لأنه لا فرق حينذاك بين النقاب وبين الجلباب الذي لا يستر الوجه كلَّه ، يمكن الآن أنا أصوِّر لك إذا شئت أنت أن تسمعَ مني وأبيتَ أن تُسمعني منكَ أنتَ ؛ فعندنا في بعض البلاد السورية خاصَّة أهل القرى والفَلَا تلتحف بثوب كبير ، ثم تلفُّه على وجهها هكذا ، فيصبح ذلك الجلباب عليها كالنقاب ، وهذا هو ما لجأَ إليه أكثر الناس تعصُّبًا في تحريم كشف الوجه من المرأة ، لم يسعهم الأمر لمَّا لاحظوا هذا الذي أنا دندنت عليه أن الحجاب لا يمكن أن يغطِّي الوجه ، وإلا عمَّينا الطريق على المرأة ، ولذلك أباحوا لها - وبالتعبير السوري : كتِّر خيرهم ! - أباحوا لها أن تكشفَ عين واحدة ؛ لماذا ؟ لترى الطريق أمامها ، وزاد بعضهم بالإباحة العينتين ، فسواء كان هذا الكشف إذًا بالجلباب مباشرة أو بالنقاب ، ثم في النهاية نقول : النقاب أمر معروف مشروع حيث قال - عليه السلام - : ( لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ) ، والآن إذا أنت تصورت آنفًا بأن الجلباب يغطِّي الوجه ؛ تُرى هل المرأة المحرمة تغطِّي الوجه - أيضًا - ؟ إذًا ماذا تفعل هذه المتجلببة وهي حاجَّة أو معتمرة ؛ كيف تتصوَّرها تمشي ؟
السائل : تكشف وجهها .
الشيخ : بدك تكشف وجهها ، صحيح ، إذًا -- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
سائل آخر : أبو بدر موجود ؟
الشيخ : كيف ؟ أبو بدر ليس هنا .
سائل آخر : فيه نساء ممكن يدخلون .
الشيخ : في نساء ؟ لأ ممكن يدخلون ، تزاحموا قليلًا ، تفضَّلوا --
والذي نخلص من هذا البحث ، والنتيجة التي نصل إليها ؛ أن الاحتجاج بآية الحجاب كما يتوهَّم كثيرون قديمًا وحديثًا أنها تدل على ستر الوجه فهذا خطأ محض ؛ لما عرفنا آنفًا أن الجلباب لا يغطِّي حتى العينين ؛ لأن الله إنما شرع الحجاب على النساء إذا خرجن من بيوتهنَّ ، وفرض عليهنَّ - أيضًا - الخمار ، وكلٌّ من الخمار والجلباب لا يغطي الوجه ؛ حينئذٍ لا بد من تصور ما يأتي ، تعلمون أنه يشترط في الجلباب شروط ، منها : أن يكون غير شفَّاف صفيقًا ، أن يكون صفيقًا غير شفاف ؛ أي : لا يصلح الجلباب أن يقوم مقام المنديل ، فالمنديل - كما نرى اليوم - فيه شفافية ؛ بحيث ترى ولا تُرى ، وهذا جيِّد إذا كان ، أما الجلباب فلا يجوز أن يكون كذلك ؛ لأنه ينسدل على جميع البدن فلا يكون فيه هذه النعومة وهذه الليونة ؛ بحيث تحجِّم أعضائها ، ولذلك فلا يمكن أن نتصوَّر من آية الجلباب الأمر بتغطية الوجه كما قد تسمعون ذلك كثيرًا ؛ لأنه معنى ذلك أن نعمِّي على المرأة طريقها ، فلذلك قيل ما سمعتم ؛ بعضهم أجاز لها أن تكشف عن عين واحدة ، وبعضهم أجاز أن تكشفَ عن عينتين كلتيهما معًا ، وبعض آخر توسَّع وقال بأنه يجوز للمرأة أن تكشفَ عن وجهها قرصِ وجهها لتستنشق هواء ربِّها ، وتتمتَّع برؤية طريقها كما ينبغي تمامًا ، وإن كان الأفضل لها أن تسترَ وجهها بأيِّ طريق ممكن ، منها مثلًا المنديل ، منها النقاب ، منها اليوم النَّظَّارات التي تُعمِّي رؤية العين بالنسبة للناظر إليها ، فهذا نقاب وزيادة ؛ لأنه لا يُدرى ما هي حقيقة ما وراء النَّظَّارة ، هذا بحث حول ما ذكرتَ آنفًا . نعم .
سائل آخر : يصح خبر في إظهار عين إذا كان ما ذكرت بها من فضائلها ؟
الشيخ : نعم الآن ، لا ما تعرَّضت للآثار ، هناك أثران عنهما عن ابن عباس وهو لا يصحُّ ؛ لأنه من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وهو منقطع ، ودونه عبد الله بن صالح أبو صالح الكاتب المصري المعروف بضعفه ، وبأنَّ أحد جيرانه الأقباط كان يدسُّ في أحاديثه ما ليس من حديثه ، هذا أثر ابن عباس حيث فسَّر الآية السابقة بأنها تكشف العينين ، والأثر الآخر هو صحيح لكنه مقطوع ؛ أي : موقوف على تابعيِّه ، فلا تقوم به حجَّة ؛ لا سيما وأن المروي في " تفسير ابن جرير الطبري " وغيره أنه لما تلا الآية وصف هذه الصورة فقال : تكشف عينًا واحدة وتغطي الأخرى ؛ أي : كأنه جعل هذا الوصف تفسيرًا للآية ، من مين ؟ من تابعي الحديث ، أظن اسمه عبيدة السلماني ، هذا لو كان مرسلًا مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يكن فيه حجة ؛ فكيف وهو مقطوع موقوف عليه ؟ قلت : هكذا اللفظ جاء في " تفسير ابن جرير " وغيره ، لكن ابن تيمية - رحمه الله - ذكر هذا الأثر في لفظ آخر لم نجده في شيء من كتب التفسير التي تُعنى برواية المأثورات من التفاسير ، ذكره بلفظ : إنه كانت النساء في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يفعلن هكذا ... ؛ وحينئذٍ يختلف الأمر اختلافًا كلِّيًّا بين الرواية التي في " تفسير ابن جرير " وإسنادها صحيح ، وبين الرواية التي ذكرها ابن تيمية ولا نعلم لها إسنادًا ؛ فهذه تدل أنُّو النساء كنَّ يفعلن ذلك ، ولا بأس من ذلك ، لكن لا يصلح أن يكون تفسيرًا للآية ، ومع ذلك فالأثر - كما عرفتم - مقطوع وليس بمرفوع ، هذا كل ما جاء في المأثور .
تفضل .
الشيخ : تفضَّل .
السائل : الفرق بين النقاب والحجاب مع العلم بالفئة أنه أن النقاب هو الحجاب .
الشيخ : مع العلم إيه ؟
السائل : النقاب والحجاب ، يعني هكذا قرأت وجدت فرق بين الاثنين ، يعني النقاب يختلف عن الحجاب .
الشيخ : من الذي لا يفرِّق بين الاثنين ؟
السائل : غالبًا بقى غالبية الناس يقولوا إنه ده حجاب ، يعني أنه المنقبة زي المحجبة خالص .
الشيخ : هذا حجاب الوجه .
السائل : نعم .
الشيخ : النقاب حجاب الوجه ، أما الحجاب إذا أُطلق فيشمل البدن كلَّه إلا الوجه والكفين ، على الخلاف المعروف فيهما ، فما الذي وجدت أنت ؟
السائل : على أساس أنه البعض من الناس .
الشيخ : لا أنت أجب عن سؤالي ؛ ما الذي وجدت أنتَ ؟ ما لك ولبعض الناس ؟
السائل : قول بعض الناس أنُّو الحجاب .
الشيخ : ما لك ولبعض الناس - بارك الله فيك - ؛ أسألك ؛ مالذي وجدت أنت ؟ ما هو الفرق بين الحجاب وبين النقاب فيما وجدت أنت ؟
السائل : أنا بَجِد أن النقاب يعني تبقى العينان مكشوفتان .
الشيخ : طيب .
السائل : ... سعادتك ، والحجاب فهو الحجاب تبقى العينان والوجه وكله ؛ فأصبح هنا في حاجة ظاهرة .
الشيخ : طيب ، فيه حاجة ظاهرة تعني العينين ؟
السائل : العينين .
الشيخ : نعم .
السائل : ولكن الشائع بين الناس هذا كلُّه حجاب ، يعتبروه كله حجاب ، يعني مفيش تفرقة ده منقبة وده محجبة لا دي بيقولوا حجاب ، وكما نعلم أن الحجاب هو الساتر بين حاجتين ... لعدم الرؤية .
الشيخ : الآن لنستوضح الذي تقوله ، عندنا امرأتان إحداهما متحجِّبة ، والأخرى متنقِّبة ، تركنا المتنقبة جانبا ؛ لأنَّنا عرفنا النقاب ؛ هو ما يُشدُّ تحت العينين ، الأولى ما الذي فعلته ؟ أي المتحجبة ؟
السائل : غطت الوجه واليدين .
الشيخ : ما الذي فعلته ؟
السائل : لأ ، غطَّت كله .
الشيخ : كله ؟ لا يمكن ، انتبه ، انتبه مما تقول ؛ وإلا ستقع - في تعبير سوري - في " طابوسة " ، أو في إيش ؟ لما السيارة تمشي .
سائل آخر : في مطب .
الشيخ : إيوا ، في مطب ، بتقولو أنتو في وهدة ، نعم .
السائل : أنا بأقول يا مولانا إيه ؟ على أساس إنه هنا المتبع أو المُشاع ... .
الشيخ : خلي الكلام بيني وبينك .
السائل : المحجبة وليست المكشوفة .
الشيخ : خلي خلي .
السائل : المحجبة وليس المكشوفة الوجه واليدين ، لكن المحجبة هي المحجبة خالص .
الشيخ : خلي خلي الكلام معي ، وكن كريمًا ، خذ وأعط ، طيب ، المحجبة لا يمكن أن تكون محجَّبة بالحجاب في جميع بدنها ، وأنت معنى كلامك أنه تكون محجَّبة في جميع بدنها ، نحن مثَّلنا لك امرأتين ؛ متنقبة تركناها جانبًا ، ومتحجِّبة كما تريد أنت ، كيف تتصوَّر هذه المتحجِّبة لا يبدو منها شيء إطلاقًا وهي تمشي في طريقها ؟ أنبِئْني بعلم ؟
السائل : على علمي أنا ؟
الشيخ : ولَّا على علمي أنا ؟! على علمك أنت ! ( الجميع يضحك ! ) .
السائل : إيه بتحط حاجة .
الشيخ : لا هذا ليس حجابًا ، هذه الحاجة صار إضافة مثل تلك الحاجة ، هنا نقاب وهناك منديل ، وبحثك في الحجاب ، أفهمت ؟ ... أيما امرأة مسلمة ملتزمة هي محتجبة ولا بد بالحجاب ، لكن واحدة تزيد على الأخرى ، إما أن تزيد عليها بالنقاب وهي المرأة الثانية التي تركنا الحديث عنها جانبًا ، وإما أن تزيدَ على المنتقبة منديلًا ؛ بحيث يغطِّي حتى عينيها عن رؤية الرجال لهما ، لكن كلٌّ من هذا المنديل وذاك النقاب ليس من مفهوم الحجاب ، فربُّنا حين قال : (( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ )) ، قال : (( يدنين عليهن من جلابيبهنَّ )) ، ما قال يدنين عليهن من جلابيبهن ويتنقَّبن ، أو - إذا صحَّ التعبير - ويتمندلن ، ما قال شيئًا من هذا ولا هذا ، وإنما قال : (( يدنين عليهن من جلابيبهنَّ )) ، والآن أنت كرجل مُكلَّف ولا بد عندك زوجة ، وربما عندك أخت ، أو عندك بنت ، أو عندك جارة تنصحها ، إلى آخره ، كيف تتصور هذه التي يجب عليها أن تضع الجلباب على بدنها ائتمارًا لهذه الآية الكريمة ؟ كيف تفعل ؟ الآن باستطاعتك إن شئت أن تستعير العمامة من رأس أحد إخواننا وتفترض أنه حجاب طويل ساتر للبدن ؛ أرنا كيف تمشي في الطريق ؟
السائل : لا يمكن ذلك .
الشيخ : لا يمكن ، يعجبني جوابك الصريح ؛ لأنه دليل أنك لا تثبِّت نفسك في مكانك وكأنك مصبوب بـ " الباطون " لا تتحرَّك ، إنما تنشد الحقَّ ، كويس ، والأمر - كما تقول - لا يمكن ذلك ، وهل تتصور في نهاية المطاف أن ربَّنا يأمر أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا بشيء لا يمكن ؟ إذًا ما هو الذي يمكن ؟
السائل : الذي يمكن .
الشيخ : لا تتحرَّج ؛ إن كنت تعلم وعندك جواب فهاتِه ، وإلا قد تسمع الجواب من غيرك .
السائل : نسمع الجواب من غيري .
الشيخ : نعم ؟
السائل : نسمع الجواب من غيري .
الشيخ : لا ، أنا أريد أن أقول إذا كان عندك فَقُله ؛ لأنك في الواقع أنت الذي أثرتَ المسألة مش أنا .
السائل : أنا هأقول لحضرتك هناك أمرين .
الشيخ : نعم .
السائل : الأمر الأول اللي هو ... حكاية المنديل يعني حاجة .
الشيخ : معليش ، أنا ما أريد أن تكرِّر عليَّ كلامي ، المهم أننا وصلنا في النهاية إلى أن الحجاب ليس يعني تغطية وجه المرأة كل التغطية ، وإلا عمَّينا عليها طريقها ؛ إذًا لا بد من أن تكشف شيئًا .
السائل : هو النقاب أفضل لها .
الشيخ : لا ليس البحث هذا - الله يهدينا وإياك - ، قل : آمين ، أنا أُعجبت آنفًا بجوابك الصريح ، أما الآن لست معجبًا بجوابك الملتوي ، فأنا أقول : ما دام تبيَّن لنا أن الجلباب لا يغطِّي الوجه ، وإنما المنديل أو النقاب ، وإذ الأمر كذلك فالوهم الذي كان قائمًا في ذهنك طاح وراح بعيدًا ؛ لأنه لا فرق حينذاك بين النقاب وبين الجلباب الذي لا يستر الوجه كلَّه ، يمكن الآن أنا أصوِّر لك إذا شئت أنت أن تسمعَ مني وأبيتَ أن تُسمعني منكَ أنتَ ؛ فعندنا في بعض البلاد السورية خاصَّة أهل القرى والفَلَا تلتحف بثوب كبير ، ثم تلفُّه على وجهها هكذا ، فيصبح ذلك الجلباب عليها كالنقاب ، وهذا هو ما لجأَ إليه أكثر الناس تعصُّبًا في تحريم كشف الوجه من المرأة ، لم يسعهم الأمر لمَّا لاحظوا هذا الذي أنا دندنت عليه أن الحجاب لا يمكن أن يغطِّي الوجه ، وإلا عمَّينا الطريق على المرأة ، ولذلك أباحوا لها - وبالتعبير السوري : كتِّر خيرهم ! - أباحوا لها أن تكشفَ عين واحدة ؛ لماذا ؟ لترى الطريق أمامها ، وزاد بعضهم بالإباحة العينتين ، فسواء كان هذا الكشف إذًا بالجلباب مباشرة أو بالنقاب ، ثم في النهاية نقول : النقاب أمر معروف مشروع حيث قال - عليه السلام - : ( لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ) ، والآن إذا أنت تصورت آنفًا بأن الجلباب يغطِّي الوجه ؛ تُرى هل المرأة المحرمة تغطِّي الوجه - أيضًا - ؟ إذًا ماذا تفعل هذه المتجلببة وهي حاجَّة أو معتمرة ؛ كيف تتصوَّرها تمشي ؟
السائل : تكشف وجهها .
الشيخ : بدك تكشف وجهها ، صحيح ، إذًا -- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
سائل آخر : أبو بدر موجود ؟
الشيخ : كيف ؟ أبو بدر ليس هنا .
سائل آخر : فيه نساء ممكن يدخلون .
الشيخ : في نساء ؟ لأ ممكن يدخلون ، تزاحموا قليلًا ، تفضَّلوا --
والذي نخلص من هذا البحث ، والنتيجة التي نصل إليها ؛ أن الاحتجاج بآية الحجاب كما يتوهَّم كثيرون قديمًا وحديثًا أنها تدل على ستر الوجه فهذا خطأ محض ؛ لما عرفنا آنفًا أن الجلباب لا يغطِّي حتى العينين ؛ لأن الله إنما شرع الحجاب على النساء إذا خرجن من بيوتهنَّ ، وفرض عليهنَّ - أيضًا - الخمار ، وكلٌّ من الخمار والجلباب لا يغطي الوجه ؛ حينئذٍ لا بد من تصور ما يأتي ، تعلمون أنه يشترط في الجلباب شروط ، منها : أن يكون غير شفَّاف صفيقًا ، أن يكون صفيقًا غير شفاف ؛ أي : لا يصلح الجلباب أن يقوم مقام المنديل ، فالمنديل - كما نرى اليوم - فيه شفافية ؛ بحيث ترى ولا تُرى ، وهذا جيِّد إذا كان ، أما الجلباب فلا يجوز أن يكون كذلك ؛ لأنه ينسدل على جميع البدن فلا يكون فيه هذه النعومة وهذه الليونة ؛ بحيث تحجِّم أعضائها ، ولذلك فلا يمكن أن نتصوَّر من آية الجلباب الأمر بتغطية الوجه كما قد تسمعون ذلك كثيرًا ؛ لأنه معنى ذلك أن نعمِّي على المرأة طريقها ، فلذلك قيل ما سمعتم ؛ بعضهم أجاز لها أن تكشف عن عين واحدة ، وبعضهم أجاز أن تكشفَ عن عينتين كلتيهما معًا ، وبعض آخر توسَّع وقال بأنه يجوز للمرأة أن تكشفَ عن وجهها قرصِ وجهها لتستنشق هواء ربِّها ، وتتمتَّع برؤية طريقها كما ينبغي تمامًا ، وإن كان الأفضل لها أن تسترَ وجهها بأيِّ طريق ممكن ، منها مثلًا المنديل ، منها النقاب ، منها اليوم النَّظَّارات التي تُعمِّي رؤية العين بالنسبة للناظر إليها ، فهذا نقاب وزيادة ؛ لأنه لا يُدرى ما هي حقيقة ما وراء النَّظَّارة ، هذا بحث حول ما ذكرتَ آنفًا . نعم .
سائل آخر : يصح خبر في إظهار عين إذا كان ما ذكرت بها من فضائلها ؟
الشيخ : نعم الآن ، لا ما تعرَّضت للآثار ، هناك أثران عنهما عن ابن عباس وهو لا يصحُّ ؛ لأنه من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وهو منقطع ، ودونه عبد الله بن صالح أبو صالح الكاتب المصري المعروف بضعفه ، وبأنَّ أحد جيرانه الأقباط كان يدسُّ في أحاديثه ما ليس من حديثه ، هذا أثر ابن عباس حيث فسَّر الآية السابقة بأنها تكشف العينين ، والأثر الآخر هو صحيح لكنه مقطوع ؛ أي : موقوف على تابعيِّه ، فلا تقوم به حجَّة ؛ لا سيما وأن المروي في " تفسير ابن جرير الطبري " وغيره أنه لما تلا الآية وصف هذه الصورة فقال : تكشف عينًا واحدة وتغطي الأخرى ؛ أي : كأنه جعل هذا الوصف تفسيرًا للآية ، من مين ؟ من تابعي الحديث ، أظن اسمه عبيدة السلماني ، هذا لو كان مرسلًا مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يكن فيه حجة ؛ فكيف وهو مقطوع موقوف عليه ؟ قلت : هكذا اللفظ جاء في " تفسير ابن جرير " وغيره ، لكن ابن تيمية - رحمه الله - ذكر هذا الأثر في لفظ آخر لم نجده في شيء من كتب التفسير التي تُعنى برواية المأثورات من التفاسير ، ذكره بلفظ : إنه كانت النساء في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يفعلن هكذا ... ؛ وحينئذٍ يختلف الأمر اختلافًا كلِّيًّا بين الرواية التي في " تفسير ابن جرير " وإسنادها صحيح ، وبين الرواية التي ذكرها ابن تيمية ولا نعلم لها إسنادًا ؛ فهذه تدل أنُّو النساء كنَّ يفعلن ذلك ، ولا بأس من ذلك ، لكن لا يصلح أن يكون تفسيرًا للآية ، ومع ذلك فالأثر - كما عرفتم - مقطوع وليس بمرفوع ، هذا كل ما جاء في المأثور .
تفضل .