الكلام على بعض مسائل القدر . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على بعض مسائل القدر .
A-
A=
A+
الشيخ : ... وفسَّرنا حديث القبضتين ؛ يعني أن المَلَك حينما يأمره الله - تبارك وتعالى - بأن يكتب سعادة الجنين وهو لا يزال في بطن أمه ولم يخرج إلى قيد الحياة ؛ إنما يكتب الله له ما سبق في علمه ممَّا سيفعله حينما يوجد في قيد الحياة ويبلغ مبلغ التكليف خمسة عشر أربعة عشر ... فإما سعيد ؛ فذلك ما عرفَه الله بسابق علمه فكتبه في اللوح المحفوظ ، وبالتالي أمَرَ الملك أن يكتب ذلك كتابةً جديدةً وهو لا يزال جنينًا في بطن أمه . كل - أنا أشرت إشارة سريعة جدًّا - كل نص في القرآن أو في السنة يُوهم الجبر ففسروه على ضوء ما فسرنا لكم من حديث القبضتين ؛ أي : الكتابة ؛ سواء الكتابة في اللوح المحفوظ ، أو الكتابة في ليلة مباركة في رمضان ، أو الكتابة للجنين من الملك كما سألتَ ؛ كلُّ ذلك على وفق ما سبق في علم الله - عز وجل - ، فعلم الله هو علمٌ ذاتيٌّ يكتشف الوقائع قبل وقوعها ، ثم يؤكد اكتشافه لذلك بكتابات قديمة أزلية يكتبها كشأن المتثبِّت مما يعلم ، وهذا واضح من باب التقريب لا التمثيل بالطبع والتحديد .

الإنسان الواثق بعلمه لا يتردَّد أبدًا أن يذيعه بين الناس ، لا يتردَّد في أن يخطب به ، ولا أن يسجِّله في كتاب يُذاع بين الناس ؛ لأنه متمكِّن فيه ، فربُّنا - تبارك وتعالى - وله المثل الأعلى هو علمه ذاتي ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فكلُّ شيء سَبَقَ في علم الله سطَّرَه في اللوح المحفوظ ، ثم يأتي التفصيل الجزئي على وفق التفصيل الكلي ؛ فإذًا كتابة السعادة من الملك للجنين أو الشقاوة وهو في بطن أمه ليس معناه إجباره على إما السعادة وإما الشقاوة ، وإنما ذلك اكتشاف لِمَا سيصير إليه هذا الجنين باختياره لا باضطراره ؛ لأن الجبر والتكليف لا يجتمعان أبدًا .

تفضل .

مواضيع متعلقة